دخان منكه في رئة الطفولة..تقنين السيجارة الإلكترونية مطلب مجتمعي أم ترف قانوني؟

نجوى القاسمي
في زوايا الحدائق العامة ومحيط المدارس، لم يعد من الغريب أن ترى طفلا لا يتجاوز العاشرة يحمل سيجارة إلكترونية بنكهة الفراولة أو العلكة، ينفث سحابة بخار كأنها لعبة، لكنها تخفي خطرا صحيا يتسلل في صمت. أكثر من 7.7 في المائة من التلاميذ في المغرب جربوا السيجارة الإلكترونية قبل سن العاشرة، وفق إحصائيات حديثة، وهو رقم أثار قلق الأسر والمجتمع المدني، وطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل الأجيال القادمة.
ما يزيد من حدة القلق، أن الفتيات يمثلن 5 في المائة من المدخنين الإلكترونيين بين سن 15 و17 عاما، مقابل 2 في المائة فقط من الذكور. مفارقة تسائل ليس فقط الأسرة، بل أيضا المنظومة التشريعية برمتها.
رأي الشارع: بين الخوف والتساؤل
فريق إعلام تيفي استاق نبض الشارع فبرغم المظهر العصري للسيجارة الإلكترونية ونكهاتها الجذابة، إلا أن العديد من الشباب يرونها موضة خطيرة تخفي وراءها تبعية صامتة.
تبين أن بعضهم يعتبرها مجرد وسيلة للتسلية أو الاندماج مع الأصدقاء بينما أبدى آخرون وعيا متزايدا بمخاطرها. المفارقة أن الفتيات يشكلن 5 في المائة من المدخنين الإلكترونيين في الفئة العمرية بين 15 و17 عاما، مقارنة بـ2 في المائة فقط من الذكور، وهو ما يعكس تحولا في الصورة النمطية للتدخين وارتفاعا مقلقا في الإقبال الأنثوي.
و اشار ان سن 18 يمكن تحميلهم مسؤولية صحية أو قانونية تجاه أفعال مثل التدخين، مما يحتم تقنين السيجارة الإلكترونية ليس فقط في الأماكن العامة، بل أيضا وفق معايير عمرية صارمة، تمنع بيعها أو الترويج لها لمن هم دون السن القانوني، حماية لجيل لم يكتمل وعيه بعد، في مواجهة صناعة لا ترحم.
تقنين أم تحجيم؟
في ظل هذه المخاوف، تعلو أصوات تطالب بـتقنين صارم لاستخدام السيجارة الإلكترونية في الأماكن العامة.
إن الأمر لا يتعلق فقط بتنظيم البيع أو فرض ضرائب رغم أن الحكومة فرضت ضريبة بقيمة 50 درهما على كل وحدة من السيجارة الإلكترونية غير القابلة لإعادة التعبئة بل بتحديد واضح لمجالات الاستهلاك وقيود الوصول بالنسبة للقاصرين.
لكن هذا الإجراء الجبائي، ورغم نواياه الوقائية، قد يؤدي إلى نتائج عكسية. إذ يرى البعض أن غلاء السيجارة الإلكترونية سيدفع المدخنين الشباب للعودة إلى السجائر التقليدية الأرخص، مما يفاقم الخطر الصحي بدل أن يحدّ منه.
الحق في الهواء النقي
قال أحد الشباب ممن استطلعت آراؤهم حول السيجارة الإلكترونية:
تقنين السيجارة الإلكترونية لم يعد ترفا تشريعيا، بل أصبح ضرورة حضارية تفرضها اعتبارات الصحة العامة. فكما نطالب بالحق في التطبيب والتعليم، من حقنا أيضًا أن نعيش في بيئة سليمة ونستنشق هواءً نقيًا، خاصة في الفضاءات المشتركة.”
وأضاف مؤكدا:
إذا كانت حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، فإن استنشاق دخان السيجارة الإلكترونية في الأماكن العامة لا يُعد حرية شخصية، بل هو اعتداء غير مباشر على الصحة الجماعية.”