دخول برلماني جديد بنواب خارج التغطية

حسين العياشي: صحافي متدرب

مرت ثلاث سنوات على انطلاق الولاية التشريعية الحادية عشر، تشكلت خلالها أغلبية برلمانية متكاملة تحتكر ما يفوق 70 بالمئة من المقاعد، داخل مجلس النواب لوحده، تاركة أمامها معارضة برلمانية متواضعة من حيث العدد والفعالية.

طيلة هذه المدة الإنتدابية، لم ينجح نواب الأمة في إشفاء غليل المواطن، الذي ظل يعاني خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، جراء الضغوطات المعيشية، وانهيار قدرته الشرائية، في امتداد لتوجه تغليب الأجندة الاقتصادية على حساب ما هو اجتماعي، فلا ينكر إلا ناكر ما يحققه المغرب على المستوى الإقتصادي، وما يتعلق بتأهيل بنيته التحتية، لكن تبقى علامة الاستفهام الكبيرة هي، ما مدى تأثير هذه المنجزات على الأوضاع الاجتماعية للمواطن؟ فلا تزال همومه ومتطلباته هي نفسها مستمرة، لتنضاف إليها ظاهرة التضخم، وهي النقطة التي أفاضت كأس التوازن.

الأمر الذي يضع الدخول البرلماني، أمام تراكمات القضايا العالقة وزخمها، حيث يتوقع أن يكون جدول أعمال دورة أكتوبر 2024 مزدحماً بقضايا ونصوص تشريعية مهمة، فاعتباراً من يوم الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر، يتعين على النواب الانخراط في معالجة قضايا حيوية للرقي بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وتخصيص ما تبقى من عمر هذه الولاية، لتدارك ما فاتهم، وتفعيل أدوارهم الدستورية والأخلاقية لتمثيل الأمة، بدل لعب دور محامي الحكومة.

وفي هذا السياق، يأتي على رأس أولويات المؤسسة البرلمانية، مشروع القانون التنظيمي المتعلق بحق الإضراب، الذي أثار نقاشات حادة بين النقابات والحكومة، لكون المشروع يكبح هذا الحق أكثر مما يضمنه، فهل سيتدارك البرلمان الأمر ويصحح هذه العيوب خلال مناقشته النص؟ أم سيمرره بتشوهاته؟

من جهة أخرى، يأتي مشروع قانون المالية لعام 2025، الذي يحتل مكانة بارزة، في سياق  تواجه فيه البلاد تضخماً مستمراً وارتفاعا حارقا في أسعار المواد الأولية، حيث يتعين على الحكومة والبرلمان على حد سواء، تبني استراتيجية ميزانياتية حذرة، في ظل التوترات التي تشهدها الأسواق المالية، والناتجة عن بيئة اقتصادية غير مستقرة.

بالموازات مع الشأن الاقتصادية، سيتناول البرلمان إصلاحات اجتماعية مهمة، تهم ورش تنزيل أسس الدولة الإجتماعية، من خلال تعزيز الترسانة القانونية الوطنية، التي تدخل في هذا الإطار، فلا زالت هناك مجموعة من النصوص القانونية التي ينبغي تحيينها وتعديلها، لمواكبة التطورات التي يعرفها المجتمع.

علاوة على ذلك، تواجه المملكة تحديات هيكلية كبيرة، من بينها الإجهاد المائي الحاد، والتي لطاما نددت به الخطابات الملكية السامية لكا من الملك محمد السادس، والمغفور له الحسن الثاني، لكن دون أن تجد هذه التوجيهات أذنا صاغية من طرف النخبة السياسية المسؤولة على ترجمة هذه التوجهات إلى سيايات عمومية، مما يطرح سؤال مدى إلزامية الخطابات الملكية لهذه النخبة الوطنية، حيث أصبحت أزمة المياه، قضية حيوية تفرض نفسها بقوة في ظل التغيرات المناخية التي يتأثر بها المغرب، والتي تتطلب نقاشات معمقة وحلولاً مبتكرة، حيث يتعين على النواب الأمة تفعيل أدوارهم الرقابية، وتقييم عمل الحكومة في هذا الصدد.

وأمام هذه التحديات، سيكون لدى البرلمانيين الكثير ليقومون به خلال الدورات المتبقية، مما يفرض عليهم التفاعل مع القضايا الراهنية بسرعة وفعالية حاسمة، وإعادة ترتيب أولويات الأجندة السياسية، ووضع قضايا المواطن في مقدمة النقاشات داخلة القبة البرلمانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى