دراسة: تداخل الاختصاصات وتضخم المؤسسات يعوقان تفعيل الجهوية المتقدمة في المغرب

إعلام تيفي
أكدت دراسة حديثة أن تفعيل نظام اللاتمركز الإداري في المغرب لا يواكب التطور المطلوب، مشيرة إلى أن الدولة ما تزال تحتفظ بطابع مركزي قوي، متأثر بالنموذج الفرنسي وغير الملائم للسياق المحلي، ما يحدّ من فعالية ورش الجهوية المتقدمة.
وأوضحت الدراسة، التي أعدها أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض، عمر أحرشان، والمنشورة في العدد العاشر من مجلة “حكامة” الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن استمرار التداخل في الاختصاصات بين المجالس الجهوية والعمالات والأقاليم والجماعات يكرّس تكرار المهام وضعف التنسيق، إلى جانب ظاهرة التضخم المؤسساتي وتعدد الوكالات، ما يعرقل التنمية المحلية.
وخلصت الدراسة إلى أن الجهوية المتقدمة، منذ إقرارها في دستور 2011، لم تحقق الأهداف المنشودة، وهو تقييم تتقاسمه فئات واسعة من الفاعلين الرسميين والمدنيين، بل وحتى الملك محمد السادس، الذي عبّر في عدة مناسبات عن عدم رضاه عن وتيرة ونتائج هذا الورش الاستراتيجي.
ومن بين أبرز التحديات التي رصدتها الدراسة: ضعف تنفيذ ميثاق اللاتمركز، غموض توزيع الاختصاصات، ضعف الديمقراطية التشاركية، هشاشة آليات ربط المسؤولية بالمحاسبة، إضافة إلى محدودية جذب الاستثمار، وغياب أدوات تمويلية مبتكرة.
ولتجاوز هذه الإشكالات، دعت الدراسة إلى مراجعة شاملة للترسانة القانونية المؤطرة للامركزية، وتوحيدها في مدونة واحدة تشمل الجوانب الانتخابية والمالية والجبائية، بهدف تفادي التكرار والتضخم التشريعي.
وأوصت بإعادة النظر في الرقابة الإدارية التي تمارسها وزارة الداخلية، عبر نقلها إلى رئاسة الحكومة أو إحداث وزارة خاصة بالتنمية المحلية، وذلك لتقليص الطابع الأمني وتعزيز الطابع التنموي.
وشددت على ضرورة تمتيع الجماعات الترابية باستقلالية مالية أوسع، مع حرية أكبر في إدارة مواردها وتحديد أولوياتها المحلية بعيدًا عن الوصاية المركزية أو الإملاءات الخارجية.
ودعت الدراسة كذلك إلى إعادة النظر في التقسيم الترابي الحالي، الذي يتسبب في تفاوتات مجالية صارخة، تسهم في تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية في مناطق مثل الريف وسيدي إفني وجرادة، مطالبة بإصلاحات تعزز العدالة المجالية.
ونبهت الدراسة إلى أهمية فتح حوار وطني جاد حول ظاهرة العزوف الانتخابي وضعف تفاعل المواطنين مع آليات الديمقراطية التشاركية، مشددة على ضرورة إلزام المجالس المنتخبة بتقديم تقارير دورية حول نجاعة أدائها وليس فقط بشأن الميزانية.