دعم “أم كاي” لمبادرة الحكم الذاتي.. بداية التحول في المواقف السياسية المتصلبة

سلمى الحدادي
يمثل إعلان حزب “أم كاي” الجنوب إفريقي دعمه لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، تطورًا سياسيًا لافتًا يحمل في طياته إشارات واضحة إلى بداية تصدع جدار المواقف الجامدة التي تبنتها جنوب إفريقيا لعقود. فهذا الموقف لا يمكن عزله عن موجة الاعترافات الدولية المتصاعدة بمغربية الصحراء، والتي باتت تفرض نفسها كمعطى استراتيجي جديد في المشهد الدبلوماسي الإفريقي.
الحزب بقيادة الرئيس السابق جاكوب زوما، يدرك أن تجاهل التحولات الجارية لم يعد خيارًا عقلانيًا، خصوصًا في ظل تراجع تأثير الخطاب الانفصالي وفشل رهانات الجزائر في كسب مواقع جديدة داخل المنتظم الدولي.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الدبلوماسية المغربية تسجيل النقاط ميدانيًا من خلال شراكات اقتصادية وتحالفات استراتيجية تمتد من واشنطن إلى الرياض ومن بروكسيل إلى برازيليا، تجد بعض القوى الإفريقية نفسها مضطرة إلى مراجعة مواقفها القديمة التي لم تجلب لها سوى العزلة وخسارة فرص التعاون والتنمية.
ومن هذا المنطلق، لا يُقرأ بيان “أم كاي” فقط كموقف داعم، بل كمؤشر على بداية تخلٍّ محتمل لجنوب إفريقيا عن سياسة المكابرة، واستعداد مكوناتها السياسية للانخراط في واقع جديد تُبنى فيه العلاقات على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
وفي هذا الصدد أفاد الأستاذ لحسن بوشمامة، الكاتب المتخصص في الشأن السياسي لـ”إعلام تيفي”، أن إعلان حزب “أم كاي” الجنوب إفريقي عن دعمه الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، عقب تبني المملكة المتحدة للموقف نفسه، يُعد “تحصيل حاصل”، وخطوة محسوبة من حزب الرئيس السابق جاكوب زوما، تهدف إلى تسجيل السبق السياسي في التمهيد لتحول مرتقب في موقف بريتوريا من النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء.
وأكد بوشمامة أن حزب “أم كاي” يُدرك تمامًا أن حكومة بلاده لم يعد أمامها من خيار سوى القفز من مركب الجزائر، الداعم لجبهة “البوليساريو”، والذي بدأ يغرق في بحر الاعترافات الدولية المتوالية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وأضاف أن جنوب إفريقيا باتت تستشعر قوة الدبلوماسية المغربية، المدعومة من ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب القوى المؤثرة في العالم العربي والإسلامي، وأيضًا في أوروبا، وأمريكا الجنوبية، وشرق آسيا. واعتبر أنه لم يعد بإمكان دولة نيلسون مانديلا أن تعاكس الإرادة الدولية الساعية إلى طيّ هذا النزاع المفتعل على أساس الشرعية التاريخية التي تضمن سيادة المغرب على صحرائه.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن جنوب إفريقيا جربت كل الأساليب، وقامت بعدة مناورات ودسائس إلى جانب الجزائر، بهدف معاكسة المملكة المغربية والتآمر على وحدتها الترابية ومصالحها الوطنية في مختلف المحافل الدولية، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا، واتضح بالملموس أنها غير مؤثرة لا على المستوى الإفريقي ولا الدولي، أمام زخم وقوة الدبلوماسية المغربية والمبادرات التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، الذي يحظى بتقدير واحترام عالمي.
وختم بوشمامة تصريحه بالتأكيد على أن موقف حزب زوما لا يغير شيئًا في الموقف المغربي الراسخ، بقدر ما يشكل مؤشرًا واضحًا على بداية تحوّل جذري في سياسات جنوب إفريقيا، التي بدأت تنحو نحو الواقعية والبراغماتية في تعاطيها مع العلاقات الدولية.