شبح الانقطاع يلوح في الأفق..الصين توقف شحنات المعادن النادرة

نجوى القاسمي
في خطوة أثارت قلقا عالميا واسعا ، علّقت الصين صادرات مجموعة كبيرة من المعادن النادرة والمغناطيسات الأساسية، وهو ما يُهدد بتقويض إمدادات حيوية تعتمد عليها صناعات متعددة، بما في ذلك صناعة السيارات، الفضاء، أشباه الموصلات، والمعدات العسكرية.
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، توقفت شحنات هذه المغناطيسات في عدة موانئ صينية، وذلك في انتظار أن تصوغ الحكومة الصينية نظامًا تنظيميا جديدا. وتكمن أهمية هذه المغناطيسات في كونها ضرورية لتجميع منتجات متطورة، بدءًا من السيارات والطائرات بدون طيار، وصولًا إلى الروبوتات والصواريخ.
علاوة على ذلك، من المرجّح أن يتضمن النظام التنظيمي المرتقب قيودًا قد تحول دون وصول هذه الإمدادات إلى شركات معينة، وخاصة المقاولين العسكريين الأمريكيين. ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه التوترات التجارية والجيوسياسية بين بكين وواشنطن.
وفي هذا السياق، فرضت الحكومة الصينية في الرابع من أبريل قيودا جديدة على تصدير ستة أنواع من المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، والتي تُكرر بالكامل داخل الأراضي الصينية. كما شملت القيود المغناطيسات النادرة التي تنتج الصين حوالي 90% من كميتها عالميا. ونتيجة لذلك، لم يعد من الممكن تصدير هذه المواد من الصين دون الحصول على تراخيص تصدير خاصة.
ومن جهة أخرى، تُستخدم هذه المعادن في تصنيع محركات كهربائية متطورة تُعد أساسية في السيارات الكهربائية، الطائرات بدون طيار، والصواريخ. كما أن السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي تعتمد بدورها على هذه المحركات لتنفيذ مهام حيوية كالتوجيه.
وبالإضافة إلى ما سبق، تدخل المعادن النادرة في صناعة مواد كيميائية تُستخدم في محركات الطائرات، أجهزة الليزر، مصابيح السيارات، وبعض أنواع شمعات الاحتراق. كما تُعدّ هذه المعادن عنصرًا محوريًا في إنتاج المكثفات التي تدخل في شرائح الحاسوب وتشغّل خوادم الذكاء الاصطناعي والهواتف الذكية.
مع ذلك، لم تبدأ الصين حتى الآن بإصدار تراخيص التصدير، وهو ما أثار مخاوف مسؤولي الصناعة في الدول المستوردة من احتمالية إطالة أمد تعليق الصادرات، وبالتالي تراجع المعروض العالمي من هذه المواد الأساسية.
وفي هذا الإطار، أشار مراقبون إلى أن نفاد هذه المغناطيسات من المصانع في ديترويت وغيرها قد يؤدي إلى تباطؤ أو حتى توقف عمليات الإنتاج، مما سينعكس سلبًا على سوق السيارات والمنتجات المعتمدة على المحركات الكهربائية.
وعلى الرغم من أن الشركات تختلف في حجم مخزوناتها الاحتياطية، إلا أن الغموض الذي يكتنف الإجراءات الصينية يجعل من الصعب التنبؤ بتوقيت نفاد الإمدادات أو بدء تأثير الأزمة بشكل ملموس.
وبخصوص ردود الفعل، صرح مايكل سيلفر، رئيس شركة “أمريكان إليمنتس”، بأن شركته كانت قد استعدّت مسبقا لهذه الخطوة، إذ قامت بتخزين كميات كبيرة من المعادن خلال الشتاء الماضي تحسبًا لتصاعد التوترات التجارية مع الصين. وأكد أن الشركة قادرة على الوفاء بالتزاماتها الحالية في انتظار صدور تراخيص التصدير.
من جهته، أعرب دانييل بيكارد، رئيس اللجنة الاستشارية للمعادن الحرجة لدى مكتب الممثل التجاري الأمريكي، عن قلقه الشديد من التأثيرات المحتملة على الولايات المتحدة، محذرًا من أن استمرار الحظر قد يُسيء إلى سمعة الصين كمورد موثوق عالميًا.
وفي تطور إضافي قد يُعقّد الموقف، منعت وزارة التجارة الصينية، بالتعاون مع الإدارة العامة للجمارك، الشركات الصينية من التعامل مع عدد متزايد من الشركات الأميركية، لاسيما تلك العاملة في القطاع العسكري.
وبناء على ما سبق، يبدو أن العالم على أعتاب أزمة صناعية غير مسبوقة، خاصة إذا استمرت الصين في سياسة تشديد القيود على تصدير المواد الاستراتيجية. الأمر الذي يفرض على الدول المستوردة إعادة التفكير في سلاسل التوريد وتطوير بدائل محلية أو شراكات جديدة تقلل من الاعتماد على بكين.