أخنوش وبنجلون واستراتيجية الهيمنة على مستقبل السيادة الطاقية بالمغرب

حسين العياشي

تمامًا كما هو الحال في قطاعات المحروقات وتحلية المياه، تتضح اليوم أبعاد شراكة جديدة بين عزيز أخنوش وعثمان بنجلون، تتجه نحو الهيمنة على المشاريع المفتوحة خاصة في الأقاليم الجنوبية للمملكة. إلا أن توسع الثنائي على حساب المجالات الاستراتيجية يثير تساؤلات تضارب المصالح، خاصة في ضوء ارتباط ثرواتهم الضخمة بالمشاريع التي تحدد مستقبل السيادة الطاقية للمغرب. فبينما يبرعان في توسيع نفوذهما الاقتصادي، يظل الرهان الأكبر هو توفير الضمانات التي ستغلق الباب  في وجه عودة مسلسل الاحتكار، وتوجيه نتائج هذه الاستثمارات نحو تعزيز الأمن الطاقي الوطني وليس فقط على المكاسب الشخصية لفئة ضيقة من الأثرياء.

في السنوات الأخيرة، بدأت شركة “GOA” التابعة لمجموعتي “Akwa” و”O Capital”، من خلال فرعها المتواجد بالداخلة، في إعادة هيكلة حوكمتها الداخلية، ما عزز من السيطرة الإدارية والتشغيلية على مشاريع استراتيجية في الجنوب المغربي. وتُظهر هذه الخطوة كيف يتحرك الثنائي ليس فقط كشركاء صناعيين، بل كفاعلين سياسيين واقتصاديين يسعون لضمان موقعهم المهيمن في القطاعات التي سترسم خريطة المستقبل الطاقي للمغرب.

الملاحظ أن أخنوش وبنجلون لم يقتصرا على التعاون المشترك فقط، بل توسعت استثمارات كل منهما بشكل مستقل في مجالات الطاقة المتجددة والمشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل محطات تحلية المياه، مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى في مراكش ومنطقة نور ميدلت، ومبادرات الهيدروجين الأخضر.

هذه الاستثمارات تبني اقتصادًا مركّزًا، وتعزز حضور نخبة محددة محسوبة على رؤوس الأصابع، في القطاعات التي تمثل مستقبل السيادة الطاقية والاقتصادية للمملكة، ما يثير تساؤلات حول التوازن بين المصالح الخاصة والسياسات العامة، وإمكانية فتح المجال أمام تضارب جديد للمصالح، في قطاعات لا تقبل المضاربة.

وعلى المستوى الشخصي، يعكس هذا التوسع الاستثماري ثراء الثنائي، إذ صنفتهما مجلة “Forbes” ضمن أغنى 20 مليارديرًا أفريقيًا: حيث وضعت عزيز أخنوش في صدارة أغنياء المغرب، منذ توليه منصب رئيس الحكومة، شتنبر 2021. بينما تراجعت ثروة عثمان بنجلون في المرتبة الثانية.

ورغم التحديات الاقتصادية. يوضح هذا النمو المتزايد للثروة مدى استفادتهما من الفرص المرتبطة بالمشاريع الاستراتيجية التي تتقاطع مع مستقبل الطاقة بالمغرب، الأمر الذي يفتح باب النقاش حول تأثير هذه الاستثمارات على الاقتصاد الوطني ومفهوم السيادة الطاقية.

إن توسع أخنوش وبنجلون في هذه القطاعات الحيوية يسلط الضوء على التحدي الذي يواجه المغرب: كيف يمكن للدولة والمجتمع أن يوازنوا بين دعم الاستثمارات الخاصة في القطاعات الاستراتيجية، وبين ضمان أن يكون توجيه هذه الموارد في خدمة المصلحة الوطنية الشاملة، وليس لخدمة مصالح نخبة محددة فقط؟ فالمستقبل الطاقي للمغرب أصبح رهينًا بالتحركات الاقتصادية لهذه الشخصيات، ما يستدعي متابعة نقدية دقيقة لضمان أن التنمية المستدامة والسيادة الوطنية ليست مجرد شعارات، بل واقع يضمن مصالح جميع المواطنات والمواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى