
فاطمة الزهراء ايت ناصر
تعيش الساحة السياسية المغربية في الآونة الأخيرة على إيقاع مواجهة متصاعدة بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية، مواجهة لا تخلو من رسائل انتخابية مبطنة، تعكس استعدادا مبكرا لانتخابات 2026 التي بدأت تفرض حضورها في الخطاب والممارسة داخل الأحزاب.
هذا التصعيد، الذي يتخذ أشكالا مختلفة من التراشق الكلامي والتعبئة الرمزية، يندرج وفق الباحث في العلوم السياسية محمد شقير، ضمن منطق إعادة التموضع السياسي، حيث يسعى كل طرف إلى استعادة أو تعزيز موقعه داخل الخريطة الحزبية المقبلة.
ويعتبر شقير ل”إعلام تيفي”، أن العدالة والتنمية يحاول الظهور مجددا كقائد للمعارضة بعد سنوات من التراجع الانتخابي، مستثمرا حدة خطابه تجاه الحزب المتصدر للانتخابات، في المقابل، يسعى التجمع الوطني للأحرار إلى الدفاع عن مكانته كحزب يقود الحكومة، وهو ما يضع الطرفين في احتكاك مباشر، يزداد سخونة كلما اقترب موعد صناديق الاقتراع.
ويرى شقير أن جزءا كبيرا من التوتر السياسي الحالي مرده إلى التنافس حول من يمتلك شرعية قيادة المعارضة، فضعف المعارضة التقليدية وتعدد أطيافها، فتح المجال أمام تنافس أكثر تعقيدا، حيث لم يعد الصراع محصورا بين حزبين فقط، بل دخلت أحزاب أخرى مثل الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية على الخط، ما جعل الزعامة داخل المعارضة موضوعا مفتوحا ومستقطبا.
ويضيف الباحث أن سردية المعارضة أصبحت رهانا أساسيا لكل حزب، إذ يعمل كل تنظيم سياسي على تقديم نفسه كالأكثر قدرة على مواجهة الحكومة وإقناع الرأي العام بخطابه الانتقادي.
من منظور محمد شقير، فإن الشخصنة تضفي على هذا الصراع بعدا إضافيا، خصوصا في العلاقة التي تجمع عبد الإله بنكيران بعزيز أخنوش، فالأول يرى في الثاني سببا في إبعاده عن رئاسة الحكومة سنة 2017، ما يمنح خطابه تجاه رئيس الحكومة الحالي شحنة ذات طابع شخصي، تتجاوز الخلاف السياسي التقليدي.
هذا العامل، حسب الباحث، يجعل من المواجهة بين الرجلين مواجهة رمزية تعبر عن صراع إرادات، وتستقطب اهتمام الرأي العام بشكل يفوق أحيانا القضايا المؤسسية المطروحة للنقاش.
ويتوقع شقير أن حدة هذا الصراع ستتزايد مع مرور الوقت، مشيرا إلى أن الأحزاب ستضاعف أدوات التعبئة، سواء عبر الحملات الرقمية أو الأنشطة التنظيمية أو حتى عبر مواقف إعلامية أكثر مباشرة.





