صابر ل”إعلام تيفي”: “على الدولة بناء قناعات جديدة لإدماج الشباب وتعزيز الرقابة لضمان انتخابات نزيهة”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة، يزداد النقاش حول ملامح المرحلة السياسية القادمة بالمغرب، خاصة في ظل توتر داخلي يعيشه المشهد الحزبي واحتقان اجتماعي عبّرت عنه فئات واسعة من الشباب خلال الأشهر الأخيرة.
وفي هذا السياق، اعتبر محمد صابر، رئيس منتدى الباحثين في السياسات العمومية، أن السنة التي تسبق الانتخابات التشريعية كانت دائما تميزها صراعات حزبية وشخصية بين الفاعلين السياسيين في الأقاليم والعمالات، سعيا لكسب ثقة المواطنين والظفر بمقاعد برلمانية.
غير أن صابر يرى أن السنة الحالية تختلف عن سابقاتها بشكل استثنائي، موضحا أن المغرب عاش خلال الفترة الأخيرة أحداثا متسارعة أثرت على الاستقرار السياسي والاجتماعي، وأظهرت جيلا جديدا من الشباب الذي خرج إلى الشارع للمطالبة بحقوقه الاجتماعية، دون أن يقبل أي شكل من أشكال الحوار مع ممثلي الحكومة.
وأشار المتحدث إلى أن هذا الجيل أثبت أنه يمتلك ثقافة سياسية ونضالية متقدمة، ووعيا حقيقيا بمطالبه، رغم محاولات البعض التقليل من شأنه، مضيفا أن ما يميز هذا الشباب هو أنه لا يزال يثق فقط في المؤسسة الملكية، باعتبارها الضامن الوحيد لاستمرار الدولة ومصدراً للمشروعية السياسية.
واعتبر صابر أن فقدان الثقة بين الشباب والأحزاب السياسية لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لسوء تدبير الأحزاب لشؤونها الداخلية وتهافتها على المناصب، فضلا عن شخصنة الصراعات السياسية، وهو ما أفقدها مصداقيتها كوسائط للتأطير والمشاركة.
وأضاف أن هناك طاقات شبابية وكفاءات عالية لم تستثمر بعد لخدمة الوطن والمواطنين، وهو ما يتطلب من الدولة، كما قال، أن تبني قناعات جديدة قائمة على إدماج هؤلاء الشباب في العملية السياسية بشكل فعلي.
وفي هذا الإطار، نوه صابر إلى أن الدولة بدأت فعلا في فتح آفاق جديدة أمام الشباب الراغب في خوض غمار الانتخابات المقبلة، من خلال دعمهم ماديا وتيسير المساطر الإدارية لترشحهم بشكل مستقل عن الأحزاب، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تجديد النخب السياسية وإعادة الاعتبار للثقة في المؤسسات.
وشدد رئيس منتدى الباحثين في السياسات العمومية على أن كسب الثقة بين المواطن والدولة يتطلب تعزيز آليات الرقابة على العملية الانتخابية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في خروقات مالية أو إدارية، مشيرا إلى أن تقارير وزارة الداخلية الأخيرة حول اختلالات التسيير داخل الجماعات الترابية تؤكد حجم التحدي الذي يواجه النظام الانتخابي المغربي.
وأشار إلى أن إعادة بناء الثقة السياسية تمرّ عبر مسارين متوازيين؛ الأول مؤسساتي، من خلال ضمان الشفافية والرقابة والمحاسبة، والثاني مجتمعي، عبر تثقيف المواطنين حول أهمية المشاركة الواعية في الانتخابات، ليس فقط كواجب وطني، بل كوسيلة لاختيار منتخبين يرقون إلى مستوى تطلعات الوطن والمواطنين.





