صراعات حزبية ومجالس جماعية غير متجانسة تسهم في إفشال ورش اللامركزية

نجوى القاسمي
رغم مضي سنوات على تبني المغرب خيار اللامركزية باعتباره مسارا حيويا لتعزيز الديمقراطية المحلية وتكريس التنمية المجالية، إلا أن تقييم حصيلة هذا الورش يكشف عن واقع رمادي، تطبعه خيبات متزايدة وانتقادات واسعة لمستوى المنجزات المحققة، خصوصا على مستوى الجماعات.
في المقابل، ظلت الجهات والأقاليم والعمالات تضطلع بأدوار ثانوية وهامشية في هذا المسار، ما كرس انطباعا عاما بأن اللامركزية لم ترقى بعد إلى الانتظارات الشعبية والطموحات الرسمية، وظلت دون الوسائل المالية والبشرية المرصودة لها.
وإذا كانت الانتقادات الموجهة لهذا النموذج ترتبط بجوانب مؤسساتية وأخرى متصلة بضعف الحكامة، فإن الملاحظ أن غياب سلطة تقريرية حقيقية لدى الجهات، إضافة إلى استمرار الوصاية الإدارية الصارمة، كلها عوامل عمّقت من أزمة الثقة في هذا الورش. وفي ظل مجالس جماعية غير متجانسة، وصراعات حزبية ضيقة الأفق، فقدت تجربة التدبير المحلي الكثير من توهجها، لتظل المركزية المفرطة أحد أبرز العوائق أمام تحقيق تنمية ترابية متوازنة.
في هذا السياق، لا بد من التذكير بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس شدّد في أكثر من 31 خطابا ملكيا منذ سنة 1999 على أهمية تفعيل اللاتمركز الإداري باعتباره رافعة أساسية لإنجاح الجهوية المتقدمة. ، ما تزال بعض القطاعات الوزارية تتلكأ في الحسم في العديد من الإشكالات الموضوعية التي تعيق التنزيل الفعلي لهذا المشروع الاستراتيجي.
أكدت منال الراي، أمينة المال بجمعية سفراء الصحة والتمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء بإقليم صفرو خلال حديثها لموقع “اعلام تيفي” ، أن الجمعية تعمل على توفير فرص التكوين في مجال الإسعافات الأولية لفائدة شباب إقليم صفرو، مشيرة إلى أن دور الجمعية يقتصر فقط على التكوين، وليس التشغيل أو إدماج هذه الكفاءات في سوق الشغل.
وأضافت المتحدثة أن الجمعية كانت مؤخرا بصدد تكوين مكونين ينتمون للمجتمع المدني، وذلك في إطار شراكة مع الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان. وتمكنّت الجمعية من تكوين حوالي 30 جمعية، على أن تتولى هذه الجمعيات بدورها تكوين 15 جمعية أخرى.
وأوضحت أن التكوين الذي تلقته الجمعيات المشاركة شمل مجالات المنظومة الإدارية والتسيير الإداري والمخطط الاستراتيجي، مبرزةً أن هذا التكوين يقتصر على قطاع معين، في حين تركز جمعية سفراء الصحة بشكل أساسي على المجال الصحي
برلماني يدق ناقوس الخطر بشأن أوضاع إقليم صفرو: “فرص الشغل شبه منعدمة”
من جانبه، أكد النائب البرلماني إدريس الشبشالي عن حزب الأصالة والمعاصرة، في تصريح خص به “اعلام تيفي”، أن إقليم صفرو يعاني من نقص حاد في فرص الشغل، حيث لا يوفر الإقليم سوى فرص عمل محدودة جدا ، مما يدفع شباب المنطقة إلى الهجرة بحثا عن العمل في أقاليم ومدن أخرى
وطالب الشبشالي بضرورة إحداث حي صناعي بالإقليم، وجلب مستثمرين قادرين على خلق مشاريع تنموية، مشيرا إلى أن الشباب الذين يضطرون للعمل خارج الإقليم يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة والسكن، مما يُثقل كاهلهم ويلتهم جزءا كبير من أجورهم.
وأضاف أن البنية التحتية بالإقليم في وضعية كارثية، ما يجعل صفرو ضمن خانة “المغرب المنسي”، على حد تعبيره. ومع ذلك، أشار إلى أن المنطقة استفادت مؤخراً من مشاريع سدود، إلى جانب أشغال تجهيز ملاعب القرب التي باتت على وشك الانتهاء.
وفي سياق متصل، شدّد الشبشالي على أن اتخاذ القرارات المتعلقة بالمشاريع التنموية في الجهة يستغرق وقتا طويلا بسبب العودة المستمرة للمركزية، داعيا إلى تعزيز اللامركزية وتمكين الجهة من الاستقلالية في التشريع المحلي للمشاريع، مع ضرورة تحقيق العدالة المجالية بين الأقاليم.
المجتمع المدني في صفرو: تكوينات دون تشغيل
وفي حديثه عن المجتمع المدني بالإقليم، أوضح النائب البرلماني أن المنح الموجهة للجمعيات تقتصر فقط على التكوين، دون أن تشمل خلق فرص الشغل، مشيرا إلى أن التعاونيات تبقى الفاعل الأساسي في توفير فرص عمل بالإقليم، خصوصا في قطاع البرقوق والزيتون والصناعة التقليدية.
وأكد الشبشالي أن هذه التعاونيات بحاجة إلى التأطير والتكوين المستمر لضمان استدامتها وتطوير إنتاجيتها، لافتا في الوقت ذاته إلى أن صفرو تعاني من ضعف التكوين المهني، سواء من حيث عدد مؤسسات التكوين أو التخصصات المتوفرة.
وأشار إلى أن الإقليم يتوفر حاليا على مركز وحيد للتكوين المهني، مع خصاص كبير في الشعب والتخصصات المطلوبة لسوق الشغل المحلي، مضيفا أن نواب الإقليم وجهوا مراسلات رسمية للوزارة الوصية من أجل إضافة تخصصات جديدة تتماشى مع حاجيات المنطقة.
واختتم الشبشالي حديثه بالتأكيد على أن رؤية موحدة بين المنتخبين والفاعلين المحليين من شأنها تسهيل تنزيل الجهوية المتقدمة بشكل فعّال، وتحقيق تنمية متوازنة بالإقليم
أصبح التسريع في تفعيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري اليوم ضرورة ملحة، ليس فقط استجابة للتوجيهات العليا، بل استكمالا لبناء نموذج تنموي قائم على الحكامة الترابية وتقريب الخدمات من المواطن، عبر تمكين الجهات من هوامش أوسع للتقرير والتنفيذ.