
حسين العياشي
أعلنت جماعة الدار البيضاء عن إطلاق عملية استرجاع مبالغ مالية كبيرة بعد إلغاء أحكام قضائية كانت قد منحت بعض الأفراد والشركات حقوقاً على حساب المال العام. هذه الخطوة تفتح باب الأمل أمام تحسين الوضع المالي للجماعة، بعد صدور أحكام قضائية جديدة تؤكد صحة مطالبتها وتُلغي قرارات سابقة، كان قد استفاد منها البعض بطريقة غير قانونية.
ووفقاً لمصادر موثوقة داخل المجلس الجماعي، فإن الخزينة العامة للمدينة على وشك استعادة ملايين الدراهم، حيث تشير التوقعات إلى إمكانية استرجاع نحو 6 مليارات سنتيم من شخصين فقط. هذا المبلغ الكبير من شأنه أن يساهم في تحفيز مالية المدينة، ويعزز من قدرتها على تنفيذ مشاريعها التنموية. كما أن الجماعة تواصل جهودها لاسترداد مبالغ إضافية، مثل 4,5 مليار سنتيم و1 مليار سنتيم، تم تحصيلها بشكل غير قانوني من قبل مستفيدين في قضايا تتعلق بـ”الاعتداء المادي”، قبل أن تصدر المحكمة أحكاماً جديدة تُلغي القرارات السابقة.
رغم هذه الإنجازات،تبقى العديد من الأسئلة مفتوحة حول فعالية هذه العمليات في تعزيز مالية المدينة بشكل مستدام. فاسترجاع 47 مليار سنتيم على مدار السنوات الماضية، بالإضافة إلى المبالغ الحالية التي قد تتجاوز 6 مليارات سنتيم، يعد خطوة مهمة، لكنه لا يعكس الصورة الكاملة للمبالغ الكبيرة التي يجب استعادتها من أطراف أخرى.
لا تزال هناك العديد من القضايا التي لم تحسم بعد في المحاكم، والأموال التي يجب استرجاعها من بعض الأفراد والشركات لم تُستعاد بعد، مما يطرح تساؤلات حول كيفية تحسين آليات استرداد الأموال المفقودة وتجنب التأخير أو التفويت في الإجراءات القانونية. هذا الواقع يتطلب سرعة في اتخاذ القرارات وتفعيل الإجراءات القانونية بشكل أكثر كفاءة.
من جهة أخرى، تبرز قضية الأملاك الجماعية المستأجرة بأسعار زهيدة، والتي تشكل نقطة ضعف أخرى في إدارة المال العام. العديد من العقارات المملوكة للجماعة تُستأجر بأسعار منخفضة مقارنةً بالقيمة السوقية لها، ما يؤثر بشكل مباشر على الإيرادات التي يمكن أن تحققها الجماعة. هذه العقارات، التي تستغلها شركات وأفراد، تُدر إيرادات ضئيلة، مما يحد من قدرة الجماعة على تمويل مشاريعها التنموية أو تحسين بنيتها التحتية.
وفي ظل هذه التحديات، تبقى الجماعة في حاجة ملحة إلى تحديث سياساتها المالية والإدارية بما يتناسب مع المعطيات الاقتصادية الحالية. من الضروري مراجعة العقود القديمة مع المستأجرين، والعمل على رفع قيم الإيجارات لتواكب الأسعار السائدة في السوق. يجب أن تتبنى الجماعة آليات أكثر شفافية في التعامل مع هذه الممتلكات، لتستفيد المدينة بأقصى قدر من العوائد المالية.
بالإضافة إلى ذلك، لا بد من إجراء مراجعة شاملة لكيفية إدارة الأموال العامة، وتعزيز الشفافية في عمليات استرداد الأموال المفقودة. ينبغي تسريع الإجراءات القضائية وتحقيق أكبر قدر من العدالة المالية، مما يتطلب إشراك المواطن بشكل أوسع من خلال تفعيل آليات الرقابة الشعبية. إن تحسين هذه الإجراءات سيسهم بشكل كبير في زيادة الثقة في أداء الجماعة، وبالتالي في تحسين قدرتها على تلبية احتياجات المدينة.
وفي الختام، رغم الجهود المبذولة لاسترجاع الأموال التي تم تحويلها بشكل غير قانوني، تبقى العديد من الملفات المالية العالقة والتي تحتاج إلى مزيد من العناية والمراجعة. على جماعة الدار البيضاء أن تأخذ خطوات أكثر جرأة في تحديث سياساتها المالية والإدارية، لضمان تحقيق الأهداف الطموحة في بناء مدينة أكثر عدلاً وشفافية، ولتعزيز قدرتها المالية بما يخدم مصلحة المواطنين والتنمية المستدامة للمدينة.





