
حسين العياشي
يعيش المشهد التربوي في الوقت الراهن تحديات متزايدة، حيث يتعرض الأساتذة في “مدارس الريادة” لضغوط غير مسبوقة، تتنوع بين المسؤوليات المتعددة التي يتعين عليهم تحملها في فترات زمنية متقاربة. في ظل هذا التراكم، يجد هؤلاء الأساتذة أنفسهم في مواجهة تداخل مواعيد مهنية وتربوية هامة، ما بين تصحيح اختبارات المراقبة المستمرة وإدخال النتائج على المنصات الرقمية، وبين الاستعداد لخوض امتحانات الكفاءة المهنية التي تحدد مستقبلهم المهني.
هذه التحديات تتسبب في إرهاق شديد للأساتذة، وتطرح تساؤلات مشروعة حول تأثيرات هذه الضغوط على جودة الأداء داخل الفصول الدراسية، وما إذا كانت هذه المواعيد المتشابكة تخدم العملية التعليمية أم تعيقها.
في هذا السياق، أعرب النائب البرلماني حسن أومريبط، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، عن قلقه العميق إزاء الوضع الراهن، فوجه سؤالًا كتابيًا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة. وقد عبر أومريبط عن استيائه من الضغط النفسي والجسدي الذي يواجهه الأساتذة في مدارس الريادة، نتيجة لتزامن امتحانات المراقبة المستمرة مع امتحانات الكفاءة المهنية في نفس اليوم.
وهذا التداخل يخلق حالة من عدم التوازن، حيث يجد الأساتذة أنفسهم مجبرين على التوفيق بين تصحيح الاختبارات وإدخال النقاط في وقت ضيق، قبل أن يبدأوا الاستعداد لامتحانات الكفاءة التي تتطلب أيضًا مستوى عالٍ من التركيز. وقد أشار النائب البرلماني إلى أن هذا الضغط المتواصل قد أثر سلبًا على الاستقرار النفسي للأساتذة، مما ينعكس في النهاية على جودة أدائهم التربوي.
ومن جانب آخر، لفت أومريبط الانتباه إلى بعض الاختلالات التي شابت الاختبارات داخل مدارس الريادة، وعلى رأسها امتحانات مادة اللغة العربية، التي أجريت في اليوم الأول من المراقبة المستمرة. فقد كانت مدة الاختبار غير كافية بالنظر إلى حجم الأسئلة وتعقيدها، ما جعل التلاميذ يواجهون صعوبة كبيرة في إتمامه في الوقت المحدد. كما انتقد النائب البرلماني تصميم الاختبارات الذي لم يراعِ مبادئ علم نفس النمو ونظريات التعلم، مما جعل لحظة التقييم تتحول إلى تجربة مرهقة نفسيًا للتلاميذ.
في ضوء هذه المعطيات، تساءل أومريبط عن مدى احترام وزارة التربية الوطنية لمبدأ التخطيط المسبق، الذي كان من المفترض أن يضمن تنظيم مواعيد التقييم بطريقة تمنع تداخل الاستحقاقات التربوية والمهنية. ودعا إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمراجعة البرمجة الحالية لهذه المواعيد، من أجل توفير ظروف أفضل للأساتذة وتحقيق توازن حقيقي بين مهامهم التربوية والمهنية. كما طالب بإعادة تقييم نموذج اختبارات “مدارس الريادة”، بحيث يراعي الخصائص البيداغوجية والنفسية للتلاميذ، ويضمن كرامة الأساتذة في وقت واحد.
وفي الختام، دعا أومريبط وزارة التربية الوطنية إلى اتخاذ إجراءات عملية تضمن تحسين ظروف العمل داخل المؤسسات التعليمية، بما يسهم في إنجاح الإصلاحات التربوية ويساعد على تخفيف الضغط النفسي الذي يعاني منه الأساتذة والتلاميذ على حد سواء.





