طريق إيديكل.. معاناة ساكنة لا تُحل بسبب عدم التصويت

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

“كلما طالبنا بحقنا في الطريق، يواجهوننا بعبارة جارحة: واش صوتو عليّ باش نصلحو الطريق؟! وكأن الطريق لم تعد من حق المواطنين بل منّة انتخابية!”.. هكذا عبر أحد ساكنة دوار إديكل جماعة إزناكن عن معاناة ساكنة الدوار والدواوير المجاورة له بإقليم ورزازات، حيث تتحول الطرق إلى مصدر للعزلة والمعاناة اليومية، لا سيما في فصل الشتاء، حينما تصبح الحياة شبه مشلولة.

في هذه المنطقة الجبلية التي تعاني من هشاشة البنية التحتية، تقف الطريق المتهالكة كأكبر عائق أمام حياة كريمة. الساكنة تتحدث بمرارة عن غياب المواصلات، عن نساء حوامل يُحاصَرن في منازلهن بسبب وعورة المسالك، وعن تلاميذ يُجبرون على ترك مقاعد الدراسة خوفًا على سلامتهم.

يقول لنا أحد سكان دوار إيديكل، معاناة أهل المنطقة من الطرق المتهالكة والمتهربة ليست مجرد شكوى عابرة، بل قصة يومية تعكس معاناة حقيقية وعزلة دامية تفرض نفسها على حياتهم.

يروي هذا المواطن كيف أن سوء حالة الطريق يجعل من التنقل مهمة شبه مستحيلة، حتى لتأمين أبسط حاجيات الحياة، إذ يضطر بعض السكان للخروج مرة واحدة في الشهر، أو أن يعتمدوا على أحدهم لجلب الضروريات، بسبب وعورة الطريق وصعوبة الوصول. أكثر من ذلك، يقول، إن التلاميذ هم أكبر المتضررين من هذا الواقع، فالكثير منهم ممن لديهم القدرة والطموح يُجبرون على التوقف عن الدراسة خوفًا على سلامتهم، خاصة في ظل انعدام وسائل النقل ووعورة الطريق.

ويضيف أن النساء الحوامل يواجهن خطراً كبيرًا، إذ يصعب عليهن الوصول إلى المستشفيات أو المراكز الصحية، ولا تتوفر سيارات إسعاف في الوقت المناسب بسبب الطريق الرديء. في فصل الشتاء، تصبح الأمور أشد قسوة، إذ قد تقطَع الإمدادات الضرورية من غذاء ودواء لفترات طويلة تصل لأشهر، مما يعمّق من معاناة السكان ويزيد من هشاشة الوضع.

وأشار المتحدث إلى خطورة الوضع الصحي في المنطقة، خاصة بالنسبة للأطفال، حيث في حالة تعرض أي طفل لضربة شمس شديدة أو لسعة عقرب أو أفعى، فإن خدمات الإسعاف لا تستطيع الوصول بسرعة بسبب سوء حالة الطريق.

هذا التأخير في التدخل الطبي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة أو حتى وفيات كانت يمكن تفاديها لو توفرت بنية تحتية مناسبة. ويعكس هذا الواقع مدى هشاشة الحياة في المنطقة وضرورة التدخل العاجل لتحسين الطريق وضمان وصول الخدمات الطبية بشكل سريع وفعال.

ويصف تأثير هذا الوضع على القطاعات الأخرى، مثل الكسابة الذين يعانون من صعوبة التنقل مع مواشيهم، والسياح الذين يزورون المنطقة لكن ضعف الطريق يحول دون تطوير السياحة والاستثمار. المنطقة، بالرغم من موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين مدينتي طاطا وورزازات، تبدو وكأنها منسية تمامًا من قبل الجهات المسؤولة.

يرى هذا المواطن أن ما يعانونه ليس مجرد مشكلة بنية تحتية، بل حرمان من أبسط حقوق الإنسان في التعليم والصحة والتنقل، وأن صمت المسؤولين وتجاهلهم لهذا الوضع يزيد من توسيع الهوة بين مناطق المغرب الحضري والمناطق المعزولة.

وأشار المتحدث أيضًا إلى أن المنطقة غنية بالثروات الطبيعية مثل الذهب، والمعدن والكوبالت، بالإضافة إلى منتجات زراعية مهمة كزراعة اللوز والزعفران وصناعة الزرابي. وورغم هذه الثروات التي يمكن أن تكون مصدرًا حيويًا لتنمية المنطقة ورفع مستوى المعيشة، إلا أن إيديكل ودواويرها تعاني من التهميش والإهمال، مما يحرم السكان من فرص الاستفادة الحقيقية من هذه الموارد الطبيعية الهامة.

ووجه نداءً إلى جميع المسؤولين في الجماعة، والقيادة، والعمالة، والجهة، ووزارة التجهيز، بالتحرك السريع لإصلاح الطريق وإنهاء معاناة السكان، مؤكدًا أن الطريق ليس امتيازًا انتخابيًا يمكن منحه أو منعه بناءً على أصوات الناخبين، بل هو حق دستوري لجميع المواطنين.

ورغم أن الطريق التي تعاني منها منطقة إيديكل كانت موضوع دراسة وُضعت عام 2013، إلا أن السكان لم يشهدوا أي تقدم ملموس على الأرض. فقد أُجريت الدراسة لتقييم حالة الطريق واقتراح حلول، لكن لم تُطبق التوصيات ولم يُعرف مصير هذه الدراسة ولا نتائجها من قبل الجهات المعنية. هذا الغموض حول مصير الخطة زاد من إحباط السكان وأشعرهم بالتهميش، إذ ما زالوا ينتظرون دون أي تفسير أو توضيح، بينما تستمر معاناتهم اليومية وتزداد مع مرور الزمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى