عاصفة زاكورة.. الطبيعة تُهاجم والفلاحون يدفعون الثمن

فاطمة الزهراء ايت ناصر
تسببت عاصفة رعدية قوية، مصحوبة بأمطار غزيرة و”تبروري”، الخميس (1 ماي2025)، في أضرار واسعة بعدد من مناطق إقليم زاكورة.
خسائر كبيرة في القطاع الفلاحي والبنية التحتية
أكد عبد الجليل أخريف، رئيس جماعة زاكورة، أن العاصفة الرعدية التي ضربت المنطقة مؤخرًا تسببت في خسائر مادية كبيرة، خاصة في القطاع الفلاحي والبنية التحتية، مشيرًا إلى أن قوة السيول التي اجتاحت المدينة كانت “غير مسبوقة” وجاءت في وقت قصير، مما جعل التعامل معها أمرًا بالغ الصعوبة.
وكشف أخريف ل”إعلام تيفي” أن البنية التحتية للمنطقة، “حتى وإن كانت في أفضل حالاتها، لا يمكنها أن تتحمل كوارث طبيعية بهذا الحجم”، مضيفًا أن “القوة التي جاءت بها العاصفة كانت غريبة، والسيول الجارفة أثرت بشكل مباشر على عدة قطاعات، في مقدمتها الفلاحة”.
وأوضح المسؤول الجماعي أن العاصفة، التي تميزت برياح قوية وأمطار غزيرة مصحوبة بالبرد، تسببت في سقوط أعمدة كهربائية، وتضرر بعض الأسواق المحلية وعدد من السيارات، دون أن تسجل، لحسن الحظ، أي خسائر بشرية.
وأشار أخريف إلى أن محصول البطيخ، أحد المحاصيل الرئيسية في المنطقة، تعرض لخسائر فادحة نتيجة “التساقطات البردية”، مؤكدًا أن الفلاحين تضرروا بشكل كبير، في انتظار استكمال عملية الإحصاء الدقيق لتحديد حجم الخسائر في الأراضي الزراعية.
وفي ما يخص شبكات الصرف الصحي، أوضح رئيس الجماعة أن “الجماعة ستعمل على إعادة دراسة البنية الحالية والعمل على تغيير القنوات وتكييفها مع مثل هذه الكوارث الطبيعية”، مشددًا على أن “حتى القنوات المتوفرة بأحجام كبيرة لم تكن قادرة على استيعاب كمية المياه الهائلة التي تساقطت في وقت وجيز لا يتعدى 7 دقائق”.
ورغم الخسائر المسجلة، ختم أخريف تصريحه بالتأكيد على أن هذه الأمطار تبقى “مياه خير” للمنطقة، داعيًا إلى “استخلاص الدروس من هذا الحدث الطبيعي والعمل بشكل استباقي للتقليل من تبعاته مستقبلاً”.
بعد عودة الخيرات المطرية.. المياه تضيع بسبب ضعف البنية التحتية
أكد جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، أن الإقليم عرف في خريف 2024 وربيع 2025 عودة قوية للتساقطات المطرية بعد عشر سنوات عجاف من الجفاف، امتدت من سنة 2014 إلى 2024، وأسفرت عن خصاص مائي كبير تحول إلى عجز مائي خطير، مما شكل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي وأدى إلى هلاك الآلاف من أشجار النخيل، إلى جانب معاناة السكان من ندرة المياه في مختلف الجماعات الترابية.
وأوضح أقشباب ل”إعلام تيفي” أن الإقليم شهد خلال الأيام الأخيرة، وخاصة الخميس الماضي، أمطارًا طوفانية مصحوبة بالبرد حولت شوارع وأزقة مدينة زاكورة إلى وديان في ظرف لا يتجاوز عشر دقائق، مؤكدًا أن هذه التساقطات، رغم آثارها الإيجابية على الموارد المائية السطحية والجوفية، تبقى محدودة الفعالية على المدى الطويل بسبب غياب بنية تحتية قادرة على تعبئة هذه المياه.
ماذا لو تمكن المغرب من الاستفادة من كميات الأمطار التي تندفع عبر قنوات الصرف نحو البحر؟ سؤال يتجدد كلما شهدت المدن الساحلية شمال البلاد زخات مطرية غزيرة تُفقد دون استثمار، رغم كون هذه المناطق من بين الأكثر تساقطًا للأمطار على الصعيد الوطني.
وفي هذا الاتجاه، أكد رئيس الجمعية أن نسبة كبيرة من المياه المتساقطة “تضيع في رمال الصحراء وتصل إلى المحيط الأطلسي”، وهو ما يرجعه إلى “ضعف الاستثمارات في مجال المنشآت المائية، من سدود تلية وسدود متوسطة”، والتي من شأنها أن تساهم في تعبئة الموارد وضمان استدامتها.
وأشار أقشباب إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب “حسن تدبير المياه واستعمالها وتثمينها”، خصوصًا في ما يتعلق بتوجيهها نحو الزراعات الاستراتيجية الملائمة للمنطقة، وفي مقدمتها زراعة النخيل، باعتبارها دعامة أساسية للأمن الغذائي والمائي المحلي.
ودعا أقشباب في ختام تصريحه إلى “التحرك العاجل من أجل المناصرة لرفع وتيرة الاستثمارات في مجال البنية التحتية المائية، لأن ضياع هذه الكميات المهمة من المياه في أوقات الأزمات، وفي ظل التغيرات المناخية، أمر غير مقبول ويهدد الأمن المائي للمنطقة”.
ورغم صدور قرار لتقنين زراعة البطيخ الأحمر، أشار المتحدث إلى “الانتشار الكبير وغير المنضبط لهذه الزراعة في مختلف مناطق الإقليم، وهو ما أدى إلى استنزاف الموارد المائية المتجددة”، مؤكدًا أن “الأمطار الأخيرة والبرد تسببا في أضرار فادحة لضيعات البطيخ، خاصة في منطقتي الفايجا والمعيدر”.
المغرب والتغيرات المناخية
أوضح الدكتور العربي بغازي، أستاذ الجغرافيا الطبيعية وخبير في المناخ، أن التساقطات الغزيرة والعواصف الرعدية التي عرفتها عدة مناطق في الجنوب الشرقي للمملكة، منذ ليلة الأربعاء، ناتجة عن اضطرابات جوية معقدة تشكلت بفعل تفاعل أنظمة مناخية مختلفة.
وأكد بغازي أن “انخفاضًا جويًا تكون في وسط المحيط الأطلسي، استطاع كسر هيمنة المرتفعات الآزورية، وساهم في صعود كتل هوائية مدارية رطبة ودافئة، التقت مع كتل هوائية باردة قادمة من الأطلسي، مما نتج عنه تشكل خلايا رعدية قوية، خاصة في مناطق الجنوب الشرقي، والأطلس الكبير الأوسط”.
وكشف الخبير المناخي أن هذه الخلايا الرعدية جاءت مصحوبة بتساقطات بردية، ما أدى إلى أضرار واضحة على المحاصيل الزراعية في كل من زاكورة، تنغير، وبعض مناطق ميدلت، إلا أنه شدد على أن هذه التساقطات سيكون لها “أثر إيجابي مباشر” على الفرشات المائية وحقينة السدود، كما ساهمت في إحياء المناطق الرعوية التي كانت تعاني من الجفاف خلال السنوات الماضية.
وفي تحليله لتغير المناخ بالمغرب، أكد بغازي أن “المملكة أصبحت أكثر عرضة لمخاطر التغيرات المناخية مقارنة بأي وقت مضى”، مرجعًا ذلك إلى عاملين رئيسيين: أولًا، الموقع الجغرافي للمغرب، الذي يقع في منطقة شبه جافة تتقاطع فيها تأثيرات المرتفع الآزوري، الذي يتحكم في توزيع التساقطات شتاءً، مع الرياح الحارة القادمة من الصحراء الكبرى، إضافة إلى تأثير دورات مناخية عالمية مثل “النينو” و”التذبذب الجنوبي”، فضلاً عن تقلبات نظام الأطلسي المتعدد العقود.
أما العامل الثاني، فيتمثل حسب الخبير، في “ارتفاع درجة حرارة المحيطات، والذي أصبح يؤثر بشكل واضح على الدورة الهيدرولوجية بالمغرب”، مشيرًا إلى أن البلاد باتت تشهد “تساقطات مطرية غير منتظمة، وبكميات كبيرة في مناطق لم تكن معتادة على مثل هذه الأوضاع”، مما يكرس مظاهر التغير المناخي في المملكة.
وبخصوص الزلازل، أوضح الدكتور بغازي أن “الأنشطة الزلزالية التي تشهدها بعض مناطق المغرب ناتجة عن قوى انضغاطية بين الصفيحة الإفريقية والصفيحة الأوروبية، والتي تفرغ طاقتها في المناطق غير المستقرة جيولوجيًا”، مشيرًا إلى أن أكثر المناطق عرضة لهذا الضغط الزلزالي هي “جبال الريف، الأطلس الكبير، والأطلس المتوسط، وخصوصًا منطقة الفوارق الجيولوجية”.
وختم بقوله إن “جبال الريف والأطلس الكبير ما تزال تعرف ارتفاعًا تدريجيًا ناتجًا عن هذه القوى الانضغاطية، وهو ما يؤكد استمرار النشاط الجيولوجي في تلك المناطق”.
ديون وشيكات تهدد فلاحين بعد خسارة محاصيل البطيخ
أكد أحد الفلاحين المتضررين من الفيضانات الأخيرة التي شهدتها جهة الجنوب الشرقي، أن محصول البطيخ الأحمر، الذي يُعتبر مصدر الدخل الرئيسي لأغلب الفلاحين في المنطقة، تعرض لأضرار جسيمة، مما أدى إلى تكبد خسائر مالية كبيرة.
وكشف المتحدث أن أغلب الفلاحين لا يتوفرون على أي نوع من التأمين الفلاحي، رغم أن المنطقة تُصنف ضمن المناطق الهشة المعرضة لمخاطر مناخية متكررة، مثل الفيضانات والعواصف الرعدية.
وأوضح قائلًا: “نجهل تمامًا كيف يمكننا الاستفادة من خدمات التأمين، ولم يسبق لأي جهة مسؤولة أن زارتنا أو قدمت لنا أي توجيه. نحن نتحمل الخسائر وحدنا، وعندما تضربنا الكوارث، نُترك لمصيرنا من دون تعويض ولا حتى مواكبة”.
وأوضح أن “معظم الفلاحين اضطروا إلى الاستدانة لتمويل زراعة المحصول، وهناك من وقّع شيكات بنكية قد تُعرّضه الآن للسجن بسبب عجزه عن السداد بعد تلف المحصول بالكامل”.
وأضاف أن “غياب التأطير والإرشاد الفلاحي يُفاقم من هشاشة أوضاع الفلاحين الصغار، الذين يعانون أصلًا من تداعيات الجفاف ونقص الموارد المائية”، مشيرًا إلى أن خسائر هذا الموسم ستدفع العديد منهم إلى التوقف عن الزراعة، أو الوقوع في مديونية متراكمة يصعب الخروج منها.
وطالب الفلاح بضرورة تدخل الجهات المعنية من أجل تعميم التأمين الفلاحي في المناطق المتضررة، مع توفير حملات تحسيسية وتوعوية للفلاحين، وتعزيز آليات الدعم في مواجهة الكوارث الطبيعية، التي تتكرر بوتيرة مقلقة في السنوات الأخيرة.
في هذا السياق، أكدت النائبة البرلمانية فاطمة ياسين، عن الفريق الحركي بمجلس النواب، أن الفلاحين بإقليم زاكورة يواجهون أوضاعاً صعبة إثر الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت المنطقة، مخلفة خسائر فادحة في المنتوجات الفلاحية، خاصة بعد الأمطار الغزيرة وموجة البرد القارس (التبروري) التي ضربت الإقليم.
وكشفت النائبة في سؤال كتابي موجه إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن عدداً كبيراً من الفلاحين اقتنوا “الزريعة” اعتماداً على الديون، ما فاقم من معاناتهم بعد الكارثة الطبيعية التي لحقت بمحاصيلهم. وأضافت أن هؤلاء الفلاحين لم يسبق لهم أن استفادوا من أي دعم حكومي، رغم هشاشة وضعهم واعتمادهم الكلي على النشاط الفلاحي كمصدر دخل.
وطالبت النائبة من خلال سؤالها، بالكشف عن الإجراءات العاجلة التي تعتزم الوزارة اتخاذها من أجل دعم الفلاحين المتضررين، وتوفير مساعدات مالية لتخفيف أعباء الديون وإنقاذ الموسم الفلاحي، بما يضمن استمرار نشاطهم وحمايتهم من الإفلاس.
ويأتي هذا السؤال في سياق تزايد الأصوات المنادية بضرورة تعزيز تدخل الدولة في مثل هذه الكوارث الطبيعية، من خلال آليات سريعة وفعالة تضمن الإنقاذ الفوري للفلاحين، وتحمي الأمن الغذائي الوطني.
التأمين الفلاحي بالمغرب.. آلية فعالة تواجه ضعف الإقبال
رغم التحديات المناخية المتزايدة التي تُهدد القطاع الفلاحي في المغرب، ما يزال الإقبال على التأمين الفلاحي المتعدد المخاطر ضعيفًا، في ظل غياب الوعي الكافي لدى فئة واسعة من الفلاحين، خاصة في المناطق التي تعتمد على زراعات معيشية.
ويهدف التأمين الفلاحي، الذي تُراهن عليه وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى حماية الفلاحين من الخسائر الناتجة عن الكوارث الطبيعية، مثل الجفاف والفيضانات والبرد، ويعتمد على نظام تعاقدي يحدد رسوم اشتراك يؤديها الفلاح، مقابل تعويضات تُصرف في حالة وقوع الكارثة.
ويقسم هذا التأمين إلى ثلاثة أشطر تختلف حسب رسوم الاشتراك وسقف التعويض:
-
الشطر الأول: 26 درهمًا للهكتار، مقابل تعويض قد يصل إلى 1450 درهمًا خلال سنة جافة.
-
الشطر الثاني: 200 درهم للهكتار، بتعويض يصل إلى 2000 درهم.
-
الشطر الثالث: 400 درهم للهكتار، مقابل تعويض يتجاوز 4000 درهم، إلا أن الإقبال عليه يبقى ضعيفًا.
الوزارة حدّدت المساحات التي يشملها التأمين المتعدد المخاطر المناخية هذا الموسم في مليون هكتار، وتشمل الحبوب، القطاني، والزراعات الزيتية، دون تقديم معطيات دقيقة حول عدد المستفيدين الفعليين.
وخصص قانون مالية سنة 2020 اعتمادات مالية بلغت حوالي 300 مليون درهم لفائدة نظام التعويض عن الوقائع الكارثية، إضافة إلى مداخيل ضريبية شبه مالية تطبّق على أقساط التأمين، والتي بلغت حسب معطيات هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي 234 مليون درهم. وبهذا، بلغ مجموع الموارد المخصصة لهذا النظام ما يقارب 534 مليون درهم.
وفي إطار تعزيز إمكانيات مواجهة الكوارث، وقّع المغرب في يناير من السنة نفسها اتفاقية قرض مع البنك الدولي بقيمة 275 مليون دولار، أي حوالي 2,8 مليارات درهم، يُمكن تعبئتها في حالة حدوث كارثة طبيعية أو واقعة استثنائية، بهدف دعم جهود الإنقاذ وإعادة الإعمار.
كما أبدى صندوق النقد الدولي ودول عدة استعدادها لتقديم دعم مالي للمغرب في مثل هذه الحالات، وهو ما عبّر عنه بيان مشترك صدر على هامش قمة مجموعة العشرين في الهند بعد الزلزال الذي ضرب البلاد.
القانون 110.14 ينظم طريقة صرف التعويضات حسب طبيعة الواقعة. ففي حال كان السبب طبيعيا، فإن سقف التعويض الإجمالي يُحدّد في 3 مليارات درهم. أما إذا نتجت الواقعة عن فعل عنيف للإنسان، فإن سقف التعويض لا يتجاوز 300 مليون درهم. كما يحدد القانون السقف الإجمالي السنوي للتعويضات بـ9 مليارات درهم في حالة الكوارث الطبيعية، وهو ما يعادل تغطية ثلاث وقائع كبرى، في حين لا تتجاوز الاعتمادات السنوية للوقائع الناتجة عن الفعل الإنساني العنيف 600 مليون درهم، أي ما يغطي واقعة واحدة في السنة.
يبدأ مسار الحصول على التعويض بعد إعلان رئيس الحكومة عن الواقعة الكارثية عبر نشر قرار إداري في الجريدة الرسمية. ومنذ لحظة النشر، يُمنح المتضررون أجل تسعين يوما لتسجيل أنفسهم في سجل خاص. يتعين على الضحية بعد ذلك تقديم ملف يتضمن وثائق طبية تثبت الضرر الجسدي، ووثائق مهنية أو مالية تبين الدخل أو النشاط المهني، إضافة إلى تقرير خبرة بالنسبة للمسكن الرئيسي المتضرر. يُرسل الملف إلى صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، والذي يتعين عليه الرد خلال ثلاثين يوما، عبر رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، ويتم صرف التعويض في غضون ثلاثين يوما أخرى من توقيع الموافقة. في حالة رفض التعويض، يمكن للمتضرر أن يعرض قضيته على لجنة تسوية المنازعات التي تُحدث خصيصا بعد كل واقعة كارثية، ويمكنه اللجوء إلى القضاء إن لم يتوصل إلى حل.
بالنسبة للأشخاص المؤمنين، فإنهم يستفيدون أيضا من التعويضات بشرط إخطار شركة التأمين أو ممثلها في أجل لا يتعدى عشرين يوما من تاريخ وقوع الحدث، شرط أن يكون الحدث مصنفا بقرار حكومي كواقعة كارثية.
وتشير المعطيات الصادرة عن صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية إلى أن المغرب يواجه مخاطر متوسطة من الكوارث الطبيعية، خاصة الزلازل والفيضانات، وهي ظواهر مرشحة للازدياد بسبب التغيرات المناخية.
وقد عاش المغرب على امتداد العقدين الأخيرين عددا من الوقائع الكارثية مثل زلزال الحسيمة سنة 2004، وزلزال الحوز 2023، والفيضانات التي عرفتها مناطق مختلفة في سنوات 2008 و2009 و2013 و2014، والتي خلّفت خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وتؤكد الدراسات أن هذه الكوارث قد تُهدد التوازن الاجتماعي والاقتصادي في المناطق المتضررة، إذ توقع البنك الدولي سنة 2014 أن المغرب سيواجه خلال الثلاثين سنة المقبلة كارثة طبيعية واحدة على الأقل بخسائر تصل إلى 10 مليارات درهم، أي ما يعادل 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
تفرض هذه التحديات ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لتدبير مخاطر الكوارث، تقوم على الوقاية والاستباق، وليس فقط على التدخل بعد وقوع الضرر. وتشمل هذه الاستراتيجية تحسين آليات الإنقاذ، تسريع إعادة الإعمار، وإدماج بُعد المخاطر في سياسات التهيئة والتخطيط العمراني لتقوية صمود البنيات التحتية والمجتمعات أمام الأزمات المستقبلية.