عزوف الشباب عن ممارسة السياسة في المغرب

بقلم :عبد الكريم ناصري*
شهد المغرب في السنوات الأخيرة عزوفاً ملحوظاً من فئة الشباب عن ممارسة السياسة، سواء من خلال الانخراط في الأحزاب السياسية أو المشاركة في الانتخابات. وتثير هذه الظاهرة تساؤلات عديدة حول مستقبل الحياة السياسية في البلاد وتأثيرها على تطور الديمقراطية في المغرب. فالشباب يشكلون جزءاً كبيراً من المجتمع المغربي، وإذا كانت مشاركتهم السياسية ضعيفة، فإن ذلك قد تكون له انعكاسات سلبية على تطور البلاد وتنميتها.
تتعدد أسباب العزوف السياسي لدى الشباب في المغرب، ويرجع ذلك إلى الفجوة بين الشباب والأحزاب السياسية. إذ يُعتبر ضعف تمثيل الشباب في الأحزاب السياسية أحد الأسباب الرئيسية لعزوفهم. فعلى الرغم من محاولات الأحزاب المتعددة لجذب الشباب، فإنها غالباً ما تظل منشغلة بالصراعات الداخلية والتنافس على المناصب أكثر من اهتمامها بقضايا المواطنين. كما أن أغلب الأحزاب تفتقر إلى برامج موجهة خصيصًا لتلبية احتياجات الشباب، مما يجعلهم يشعرون بأنهم غير معنيين بما يحدث داخل هذه الهياكل السياسية، سواء كانوا منخرطين فيها أو لا.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل التجارب السابقة التي أثبتت فشلها في تلبية تطلعات الشباب، سواء من خلال الوعود الانتخابية التي لم تُنفذ أو المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي لم تجد لها حلولاً حقيقية. وقد ساهم ذلك في نشر الإحباط بين الشباب، حيث يعتقد العديد منهم أن السياسة عاجزة عن تغيير حياتهم اليومية، وبالتالي يتجنبون الانخراط فيها.
ويبقى الفساد السياسي في المغرب أحد العوامل الأساسية التي تدفع الشباب إلى العزوف عن السياسة. فعندما يرون الفساد مستشريًا في مختلف مفاصل الدولة، من الحكومة إلى المجالس المحلية، ينشأ لديهم شعور بأن السياسة مجرد لعبة لصالح الفئات المتحكمة في المشهد السياسي، مما يدفعهم إلى رفض المشاركة فيها. ويتسبب هذا في انعدام الثقة في المؤسسات السياسية، حيث يشير العديد من الشباب إلى شعورهم بعدم الثقة بسبب غياب الشفافية ووجود فجوة كبيرة بين المواطن وصانع القرار. ويؤدي شعورهم بأن الانتخابات لا تقدم تغييرات حقيقية في حياتهم الشخصية إلى العزوف عن المشاركة.
هذا العزوف يتسبب في ضعف التنوع السياسي، ما يعني غياب أصوات جديدة ومتنوعة تمثل تطلعات الشباب. وبدون مشاركة فعالة لهم، قد تظل القضايا التي تهمهم، مثل التعليم، والبطالة، وتوفير فرص العمل، في الظل. وقد يؤدي ذلك إلى تدني اهتمام الأحزاب بالتركيز على هذه القضايا.
يمكن أن يساهم غياب الشباب عن الساحة السياسية في تعزيز الجمود والتقليدية في العمل السياسي، حيث تظل نفس الوجوه والسياسات سائدة، مما يعزز الانطباع بأن السياسة ليست سوى سلسلة من الوعود غير المحققة.
ومن موقعي كشاب مغربي متشبث بوطنه ويسعى إلى المساهمة في تنميته، أدعو الأحزاب السياسية إلى مواصلة جهودها لجذب الشباب من خلال تطوير برامج تتناسب مع احتياجاتهم. ينبغي أيضًا فتح الأبواب أمامهم للانخراط في العمل الحزبي على جميع المستويات، بدءًا من القاعدة وصولاً إلى القيادة.
* طالب باحث في العلوم السياسية