
حسين العياشي
ما تزال فاجعة انهيار العمارتين السكنيتين بمدينة فاس تلقي بظلالها الثقيلة على الرأي العام، بعدما خلّفت خسائر بشرية موجعة وأعادت بقوة إلى الواجهة أسئلة قديمة متجددة حول البناء العشوائي، وجودة المنشآت، ومدى احترام معايير السلامة في المشاريع السكنية. ومع تسارع تداول المعطيات حول الأسباب المحتملة للانهيار، برزت روايات تشير إلى احتمال وجود اختلالات أو شبهات فساد قد تكون مرتبطة بشكل مباشر بما وقع، وهو ما زاد من توتر النقاش وتعقيده.
وسط هذه الضبابية، خرجت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لتعلن أنها تتابع باهتمام بالغ كل ما يتم تداوله بشأن الحادث. وجاء في بلاغ رسمي للهيئة أنها تتعامل مع المستجدات في حدود ما يتيحه لها القانون وما يدخل ضمن اختصاصاتها، مؤكدة أن ما يُنقل من معلومات يخضع حالياً للتدقيق والمتابعة المهنية.
وأوضحت الهيئة في بلاغها أنها تحترم تماماً اختصاصات النيابة العامة التي بادرت إلى فتح بحث قضائي شامل يروم تحديد الظروف الحقيقية للانهيار وتحديد المسؤوليات المحتملة، وأن تدخل الهيئة يبقى معلّقاً إلى حين صدور نتائج التحقيقات الجارية. وتذكّر الهيئة بأن المقتضيات القانونية المنظمة لعملها تجعل أي تحرك رسمي مرتبطاً بالمعطيات القضائية التي ستعلنها النيابة العامة المختصة.
وبمجرد توصلها بالخلاصات النهائية للتحقيقات، تؤكد الهيئة أنها ستباشر صلاحياتها كاملة لتقييم كل ما يمكن أن يندرج ضمن نطاق اختصاصها في مجال مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة داخل منظومة التعمير والبناء. كما شددت على استعدادها للتحرك بما يلزم من صرامة ومسؤولية إذا ما كشفت الأبحاث عن وجود أي تجاوزات أو إخلالات أدت أو ساهمت في وقوع الحادث.
وبين انتظار نتائج التحقيقات وترقّب مآلات المتابعة المؤسساتية، يبقى حادث فاس محطة جديدة تعيد فتح ملف معقد لطالما أثار أسئلة محرجة حول الرقابة، والمسؤولية، وجودة السياسات العمومية في مجال التعمير. وهي أسئلة لن تخبو ما لم تحمل التحقيقات والمناقشات اللاحقة إجابات شافية، تقي المدن المغربية من تكرار مثل هذه الفواجع.





