فرار الرياضيين المغاربة في الخارج.. ظاهرة تعكس أزمة مجتمعية

إيمان أوكريش
في ظل الطموحات الوطنية لتعزيز الحضور المغربي في المحافل الرياضية الدولية، تعود إلى الواجهة من جديد ظاهرة فرار عدد من الرياضيين المغاربة خلال مشاركاتهم في تظاهرات دولية، ما يثير تساؤلات حقيقية حول السياقات الاجتماعية والمؤسساتية التي تنتج مثل هذه السلوكيات.
ورغم تكرار هذه الوقائع، التي شملت في بعض الحالات رياضيين قاصرين، لا تزال الجهات الوصية تكتفي بردود فعل محدودة، دون بروز سياسة عمومية واضحة للحد من هذه الظاهرة المتنامية.
وفي هذا السياق، وجه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد الرحمان الوفا، سؤالا شفهيا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، طالب فيه بكشف الإجراءات المرتقبة لوقف نزيف هذه الهجرات غير النظامية داخل الوفود الرياضية.
وانتقد الوفا ضعف التأطير النفسي والاجتماعي للشباب الرياضي، وتراجع الدور الموكول للمرافقين الإداريين والتقنيين، فضلا عن غياب رؤية مندمجة توفق بين التكوين الرياضي والمسار الأكاديمي والمهني، وهو ما يفاقم هشاشة فئة واسعة من الرياضيين الشباب ويدفعهم إلى البحث عن بدائل خارج الوطن.
وفي تعليقه على الظاهرة، يرى مولاي أحمد دريسي، الباحث في السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا، أن هذه الحالات لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع للهجرة، باعتبارها تمثل في المخيال الجماعي بوابة لتحسين شروط العيش.
واعتبر أن ما يوصف بالهجرة السرية أو غير النظامية في الخطاب الغربي، لا يقتصر على الرياضيين، بل يشمل أيضا فئات مهنية متعددة، من أساتذة وفقهاء وفنانين وموظفين وسياسيين، وحتى رجال أمن.
وأوضح دريسي في تصريحه لـ”إعلام تيفي” أن من أبرز العوامل التي تغذي هذا التوجه المجتمعي نحو الهجرة، هي الثقافة المتجذرة التي ترى فيها وسيلة لتحقيق الترقي الاجتماعي، بغض النظر عن نتائجها الواقعية، التي قد تكون أحيانا مخيبة أو محفوفة بالمخاطر.
وأضاف أن معالجة هذه الظاهرة لا يمكن أن تقتصر على المقاربة الأمنية أو القانونية فقط، بل تستوجب حلولا شمولية ومندمجة تنطلق من تعزيز الثقة بالنفس، وبالمؤسسات الوطنية، وبقواعد التوظيف والعمل والحريات العامة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المغرب يشهد تحولات إيجابية قد تتيح للطاقات الوطنية آفاقا جديدة للاستثمار والعمل داخل الوطن، لكنه أكد على ضرورة مواجهة مجموعة من الاختلالات البنيوية، على رأسها تحسين فرص التشغيل وفق معايير الشفافية والكفاءة وتكافؤ الفرص، وتوفير أجور تحفظ كرامة الشباب وتنتشلهم من واقع الفقر والتهميش، إلى جانب محاربة مظاهر الفساد.