في انتظار بيان توضيحي من المؤسسات المعنية..غموض يلف أنباء إصابة الدواجن بمرض “نيوكاسل”

نجوى القاسمي

في انتظار صدور بيان توضيحي، أثار  خبر تفشي عدوى تصيب الدواجن بالمغرب، وخصوصا بجهة الرباط سلا القنيطرة، الكثير من التساؤلات التي ظلت مطروحة دون إجابات شافية.

نشرت إحدى جمعيات حماية المستهلك أن السلطات الصينية قررت تعليق استيراد الطيور والدواجن وجميع المنتجات ذات الأصل الحيواني القادمة من المملكة المغربية، وبشكل خاص من جهة الرباط- سلا- القنيطرة، مبررة القرار بما وصفته بـ”تفشي مرض نيوكاسل” وسط الدواجن المغربية.

قرار الصين، المدعوم بإشارة إلى معطيات حديثة صادرة عن المنظمة العالمية للصحة الحيوانية (WOAH)، أعاد إلى السطح ملفا ظلّ غامضا ومسكوتا عنه داخل أروقة المصالح البيطرية، لاسيما ما يرتبط بتتبع الأوبئة الحيوانية والبنيات المختبرية الوطنية المختصة.

الخلط والغموض: هل هناك فعلا تفشي لمرض نيوكاسل؟

بعض المصادر خاصة، نفت في اتصال لموقع “إعلام تيفي” معها، أن تكون المعطيات محينة، مؤكدة باديء دي بدء ان المغرب لا يصدر الدواجن للصين، مشيرة إلى ان هذه المعطيات سبق وتم نشرها لما يزيد عن سنة ونصف، تم من خلالها التنبيه إلى وجود هذه العدوى في الدواجن، مشيرة إلى ان هناك خلط حاصل ناجم عن إعادة تحيين منظمة الصحة الحيوانية لقائمة الدول التي سُجلت بها حالات المرض، استنادا إلى أرقام ومعطيات تعود إلى سنة ونصف مضت.

وأوضحت المصادر أن الفيروس المعني يشبه إلى حد كبير أعراض الزكام الموسمي الذي اجتاح مزارع الدواجن في مناطق مختلفة من العالم خلال الفترة نفسها، دون أن يمثل خطرا بيولوجيا كبيرا أو يشكل تهديدا مباشرا لصحة الإنسان. كما شددت على أن عمليات التلقيح الضرورية تم تنفيذها في حينها، وأن الوضع الصحي للقطيع الوطني تحت السيطرة إلى حدود الساعة، وشددت المصادر على أنه لحدود الساعة لا توجد معطيات في هذا الشأن.

من جانب آخر تواصل موقع “إعلام تيفي ” باحد مربي الدواجن،  إلا انه تأسف لكون أنه لا توجد وثائق رسمية أو تقارير معتمدة تثبت انتشار مرض “نيوكاسل” في   المناطق  المعنية، مشيرا إلى أن الحسم في هذه القضايا التقنية يتطلب تدخلا مباشرا من الجهات البيطرية المختصة.

وشددت المصادر ذاتها على أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) يتحمل مسؤولية تقديم المعطيات الدقيقة والصحيحة للرأي العام الوطني والدولي، لافتة في الوقت ذاته إلى أن نقص المختبرات المستقلة والمتخصصة في تشخيص هذا النوع من الفيروسات الحيوانية يمثل عقبة كبيرة أمام توثيق الحالات وتأكيدها علميا.

وبخصوص التصدير إلى الصين، فقد اكدت بعض المصادر ان هناك إمكانية التصدير غلى الأسواق الصينية، وأن استيراد الصين للدواجن وبعض المنتجات دات أصل حيواني وارد ولا يمكن نفيه، وبالمقابل يؤكد مصدرنا ان ظهور مثل هذه الأمراض يتم التكتم عليها، اولا من قبل المربين الذين لا يبلغون عن حالات العدوى، او حتى من قبل بعض البياطرة الذين لا يقدمون تقاريرهم للمكتب الوطني للسلامة الصحي للمنتجات الغذائية، وبالتالي يتم طمس مجموعة من الحقائق، في ظل غياب مختبرات مستقلة.

من جهة أخرى حاول موقع “إعلام تيفي” التواصل مع رئيس هيئة الأطباء البياطرة، بدر طنشري الوزاني، إلا أنه تحجج بوجوده خارج ارض الوطن وبالتالي لا يمكنه إعطاء أي توضيح بأي موضوع.

وتجذر الإشارة إلى أن تقارير أوروبية كشفت في وقت سابق نقائص خطيرة على مستوى النظام البيطري الوطني، حيث أشار تقرير بعثة مفتشي الاتحاد الأوروبي، خلال زيارتهم للمغرب في شتنبر وأكتوبر، إلى عدم احترام مزارع الدواجن للشروط الصحية الضرورية للتصدير، مع تسجيل نقص حاد في المختبرات المختصة بتشخيص الأوبئة.

وأبرز التقرير أن مختبر الدار البيضاء هو الوحيد المؤهل لإجراء تحاليل مرض نيوكاسل، مما يطرح تساؤلات حول قدرة المغرب على رصد مبكر لأي تفشي محتمل، أو تقديم بيانات دقيقة ومعتمدة دوليًا في الوقت المناسب.

آلاف الدواجن النافقة وأزمة الثقة الأوروبية

المفتشون الأوروبيون سجلوا كذلك ملاحظات مثيرة للقلق، من ضمنها نقل الدواجن في ظروف غير صحية، والتخلص من النافقة دون أي مراقبة، مؤكدين أن مثل هذه الثغرات قد تشكل بؤرا محتملة لظهور أوبئة جديدة.

كما تم التذكير بحالات سابقة تعود إلى عام 2016، حيث لوحظ نفوق آلاف الدواجن دون تدخل فعال، ما عمّق الشكوك حول جدية الضوابط الصحية المعمول بها داخل الضيعات المغربية.

وفي ختام  هذا الامر  الشائك، تتقاطع المعطيات بين ما هو رسمي وما يتداول في الكواليس، وسط غياب واضح للشفافية والتواصل الفوري من الجهات المختصة، مما يفسح المجال أمام التأويلات والقرارات الأجنبية

بينما تبقى صحة القطيع الوطني وسلامة المستهلك أولى الأولويات، يظل من الضروري أن يتعزز دور المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في تقديم توضيحات دقيقة ومبنية على معطيات علمية محينة، حفاظا على مصالح المربين، وضمانا لمصداقية المغرب في الأسواق الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى