
حسين العياشي
أصدر المركز الصحراوي للدراسات الاستراتيجية وحقوق الإنسان قراءة تعتبر قرار مجلس الأمن 2797 نقطة تحوّل ومساراً موجِّهاً، حيث يلتقي التأصيل القانوني بما تحقق من تنمية، فتغدو مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الخيار الأكثر قابلية للتنفيذ.
من هذا المنطلق، يرى خبراء المركز أن القرار الأممي لا يضيف سطراً في أرشيف النزاع، بل يرفع سقف الواقعية السياسية: نقلُ الملف من سجال الشعارات إلى تفاصيل التمكين المؤسسي لسكان الأقاليم الجنوبية ومشاركتهم في تدبير شؤونهم داخل إطار وطني جامع. إنها خطوة تُقوّي حجّة المغرب التاريخية والقانونية، وتضع المفاوضات المقبلة أمام مسار واضح المعالم، يفضي إلى إنهاء نزاع استنزف الأعمار والفرص.
في سردية المركز، ما تحقق اليوم امتدادٌ لمسار بدأ مع المسيرة الخضراء وتعمّق في عهد الملك محمد السادس: تحويل الصحراء إلى ورش تنموي مفتوح وربط الحكم الذاتي بمشروع مجتمعي قائم على الحقوق والمواطنة. لذا لا تتوقف قراءة المركز عند الدلالات السياسية، بل تلتفت إلى الأثر الاجتماعي المباشر: لمّ شمل العائلات، تحسين الخدمات، وتوسيع فرص الشغل في اقتصاد الموانئ والطاقات واللوجستيات، بما يمنح الشباب دور الفاعل لا المتلقي، ويثبت العدالة المجالية واقعاً لا شعاراً.
ويقترح المركز سلماً للأولويات يواكب الزخم الدولي الراهن: تسريع تنزيل آليات الحكم الذاتي بنصوص واضحة ضامنة للصلاحيات؛ توسيع التمثيلية المحلية وإدماج الكفاءات الصحراوية في مفاصل القرار؛ وتركيز دبلوماسية ميدانية تربط بين الحُجّة القانونية والنتيجة التنموية، مع تثبيت التزامات الشركاء حيال حرية التنقل ولمّ الشمل ودعم مشاريع الربط الطاقي والبحري التي تجعل من العيون والداخلة منصتين للتكامل الإقليمي.
لا ينكر المركز ما ينتظر المسار من اختبارات ضغط ومناورات تفاوض، لكنه يلاحظ ميلاً واضحاً لكفّة الحلّ العملي المدعوم دولياً والثقة الشعبية التي راكمتها الأوراش التنموية. وعليه، يذكّر بأن معركة المرحلة ليست تسجيل نقاط دبلوماسية عابرة، بل ترسيخ نموذج حكامة يقطع مع اقتصاد الانتظار، ويمنح الصحراء موقعها الطبيعي جسراً بين المغرب وعمقه الإفريقي.
بهذه المقاربة، يضع «المركز الصحراوي للدراسات الاستراتيجية وحقوق الإنسان» القرار 2797 في خانة اللحظات المؤسسة: لحظة تُبدِّد الضباب عن المسار وتحوّل سؤال الصحراء من «كيف نُدير نزاعاً؟» إلى «كيف نبني تجربة مواطنة وتنمية داخل وطن واحد؟». وعندما تتساند شرعية التاريخ مع برهان الواقع، كما يقول الباحثون في المركز، يصبح إغلاق الملفّ الطويل أقرب إلى الممكن مما كان عليه أيّ وقت مضى.




