قطاع السياحة.. عمور تغرد خارج السرب
خديجة بنيس: صحافية متدربة
في يوليوز الماضي، أطلقت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، برنامج “كفاءة” للمصادقة على التجربة المهنية، وهو الأول من نوعه في قطاع السياحة بالمغرب.
يهدف البرنامج إلى منح العاملين ذوي الخبرة الذين اكتسبوا مهاراتهم من خلال العمل الميداني، ولكنهم لا يمتلكون شهادات رسمية، اعترافًا رسميًا بمهاراتهم عبر إصدار شهادة معترف بها.
وأكدت الوزيرة في تصريحها الأخير أن برنامج “كفاءة” يطمح إلى الاعتراف بمهارات 7550 مهنياً في القطاع السياحي بحلول عام 2026، مع هدف أولي يتمثل في إصدار 1100 شهادة خلال سنة 2024.
تحديات ملحة
تأتي هذه المبادرة في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع السياحة في المغرب. في هذا السياق، استعرض رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، معضلات القطاع السياحي التي برزت خلال العطلة الصيفية، مشيرًا إلى الحاجة الملحة لمعالجة هذه القضايا بشكل فوري وفعال. وأبرز حموني الفوضى الملحوظة في تحديد أسعار السكن السياحي بجميع أنواعه، حيث تتباين الأسعار بشكل كبير وتفوق قدرات الأسر الشرائية. بالإضافة إلى ذلك، ترتفع أسعار الخدمات السياحية بشكل مهول، مما يثقل كاهل الزوار بالأعباء المالية.
سجل الحموني في طلب وجهه لرئيس لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب لعقد اجتماع بحضور وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني لمناقشة كيفيات تعامل الحكومة مع الغلاء الفاحش لأسعار الإقامة والخدمات السياحية خلال العطلة الصيفية. كما أشار إلى أن أسعار المواد الاستهلاكية في الأماكن السياحية التي تشهد إقبالاً استثنائياً قد عرفت ارتفاعًا مهولاً، مما يزيد من المصاريف اليومية على الزوار. وأضاف أن سوق كراء السكن السياحي يعاني من فوضى في التنظيم وفي تحديد الأسعار، حيث تتعرض العديد من الأسر للنصب والاحتيال عبر مواقع الإنترنت، مما يتفاقم بسبب غياب المراقبة والضبط اللازمين.
أشار حموني إلى أن الإقبال الكبير على بعض المناطق السياحية يؤدي إلى حدوث ازدحام غير مريح، مما يتناقض مع أهداف العطلة والاستجمام التي يسعى إليها الزوار. كما لفت إلى ضعف الترويج السياحي لبعض المناطق ذات المؤهلات العالية، حيث يفتقر التسويق إلى الاستراتيجيات والرسائل الواضحة والناجعة، مما يتسبب في عدم استفادة الأسر من هذه الوجهات السياحية المميزة.
دعوات متواصلة لتحسين الخدمات
دعا الحموني إلى تعزيز دور الحكومة في ضبط الأسعار وضمان جودة الخدمات السياحية، وتحسين استراتيجيات الترويج وتنظيم السوق بشكل أفضل. من جهة أخرى، سجلت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك في بلاغ لها في 3 غشت المنصرم استنكارها لبعض مظاهر “الجشع” و”النصب” التي يتعرض لها المواطنون خلال سفرهم، بالإضافة إلى “تدني” و”غلاء” خدمات السياحة الداخلية. وأشارت الجامعة إلى أن التصرفات اللاأخلاقية تطال جميع خدمات السياحة، مما دفع العديد من المستهلكين إلى الابتعاد عن السياحة المحلية ويفضلون السفر إلى الخارج للاستفادة من خدمات سياحية بأسعار تنافسية مقارنة بالعروض المحلية.
تقرير يرصد عجز الوزارة
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المشكلات والتحديات التي يواجهها قطاع السياحة ليست جديدة، بل تفاقمت بشكل ملحوظ بعد أزمة كورونا. وبالتالي، فإن حديث فاطمة الزهراء عمور عن برنامج “كفاءة” في أول ظهور إعلامي لها بعد الجدل الذي أثير حول الخدمات السياحية جاء كخطوة غير موفقة.
فقد كان من المتوقع أن تتفاعل الوزيرة بشكل فوري مع التحديات المطروحة بدلاً من التركيز على برامج قد تنتهي بمصير مماثل لتلك التي سبقتها. وفي سيناريو يتكرر في كل عطلة صيفية، ارتفعت أصوات المواطنين والبرلمانيين مطالبين بالتدخل لحل الأزمات، لكن الحكومة اختارت سياسة الآذان الصماء، متجاهلة بذلك المطالب الملحة والتحديات الواقعية التي يواجهها القطاع.
اعتمدت الحكومة سياسة التهرب من الاستجابة للمشكلات، وهو ما أظهره تقرير “الحصيلة الرقابية لعمل مجلس النواب” الذي أعدته جمعية سمسم – مشاركة مواطنة. وفقاً للتقرير، تلقت وزارة السياحة 194 سؤالاً كتابياً من نواب الأمة، لكن الوزارة تفاعلت مع هذه الأسئلة بنسبة 21.67% فقط، حيث أجابت على 42 سؤالاً من أصل 152.
وبالنسبة للأسئلة الشفوية، تجاوبت الوزارة مع 20 سؤالاً فقط من أصل 143، مما يشير إلى نسبة تفاعل منخفضة تصل إلى 14.08%. هذه النسب تعكس عجز الوزارة عن معالجة القضايا العالقة والوفاء بمستوى التحديات المطروحة، مما يثير القلق بشأن قدرتها على التعامل مع مشاكل القطاع بفعالية.