كوطا مغاربة العالم في صلب تعديلات القانون الانتخابي المقبل

حسين العياشي: صحافي متدرب

يشكل المغاربة المقيمين بالخارج  ما بين 8 و10 بالمئة من سكان المملكة، إلا أن تمثيليتهم السياسية في المؤسسات التشريعية لا تزال محدودة، وهو ما يعيد إلى الواجهة النقاش حول جدية الدولة والأحزاب السياسية في تفعيل مقتضيات الدستور المتعلقة بمغاربة العالم.

في هذا السياق، كشف مجلة “جون أفريك” أن الحكومة المغربية قررت إعادة تفعيل إجراء انتخابي يخص مغاربة المهجر، وذلك من خلال إلزام كل حزب سياسي، في الانتخابات التشريعية المقبلة لعام 2026، بترشيح امرأة من الجالية المغربية في مقدمة إحدى لوائحه الانتخابية الجهوية، تحت طائلة فقدان جزء من الدعم العمومي المخصص له.

ورغم أن هذا الإجراء، المعتمد لأول مرة في انتخابات 2021، يعتبر شكليًا خطوة مهمة نحو تعزيز المشاركة السياسية للجالية، إلا أن عدداً من المهتمين والباحثين يعتبرونه إجراءً رمزياً لا يرقى إلى مستوى إشراك حقيقي.

وفي معرض جوابه عن سؤال برلماني للمستشار خالد ستي من الاتحاد الوطني للشغل، أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن الحكومة وضعت تحفيزات مالية كبيرة لتشجيع الأحزاب على دمج مرشحين من الجالية ضمن لوائحها، داعياً الهيئات السياسية إلى القيام بدورها في تمكين هذه الفئة من الترشح والفوز بمقاعد تمثيلية.

لكن الممارسة الواقعية تحول دون ذلك، إذ تظل هذه الإجراءات عاجزة عن إحداث أي أثر ملموس. وإن كان الدستور المغربي يضمن نظرياً حق التصويت والترشح للمغاربة المقيمين بالخارج، إلا أن غياب آلية تصويت من خارج التراب الوطني عن طريق التصويت الإلكتروني أو في القنصليات يحول دون مشاركتهم الفعلية. كما أن عدم وجود دوائر انتخابية مخصصة للجالية يُفرغ مشاركتهم من مضمونها الديمقراطي، حسب العديد من الملاحظين.

وفي هذا السياق، يرى المحامي المختص في قضايا الهجرة، صبري لحو، أن هذه التدابير تبقى شكلية في غياب أي جزاءات قانونية حقيقية. وفي تصريح لمجلة المغرب الدبلوماسي، اعتبر لحو أن مغاربة العالم ليسوا مجرد أرقام اقتصادية أو تحويلات مالية، بل مواطنون كاملو الحقوق.

وأضاف أن الدول الأوروبية، التي تستقبل الجالية المغربية، توفر لها فرصاً أوسع للمشاركة السياسية من بلدها الأم، منتقداً ما سماه الاستخدام الانتقائي والظرفي للجالية في الخطابات الرسمية، دون أن يواكب ذلك تمثيلية مؤسساتية حقيقية.

كما شكك في نوايا الأحزاب، قائلاً إن الكثير منها يستخدم هذه التدابير فقط للاستفادة من الدعم المالي، دون رغبة فعلية في إشراك الجالية في القرار السياسي.

وأشار إلى أن المخرج الحقيقي يكمن في الانتقال من منطق التمييز الإيجابي الرمزي إلى ممارسة فعلية للحقوق السياسية، بدءاً من تخصيص دوائر انتخابية لمغاربة المهجر، وضمان آليات تصويت ملائمة، إلى تمكينهم من تقلد مواقع القرار.

ويبقى السؤال مفتوحاً، هل تتحول هذه المبادرات إلى أدوات حقيقية لتعزيز الديمقراطية التشاركية؟ أم ستظل مشاركة مغاربة الخارج محصورة في الجانب المالي والرمزي، بعيدة عن دوائر الفعل السياسي والتشريعي؟

ما هو مؤكد أن الديمقراطية الشاملة لا يمكن أن تكتمل دون إشراك كل المواطنين، أينما وجدوا، في صناعة القرار الوطني، وتحويل انتمائهم للوطن من مجرد شعور إلى مشاركة حقيقية وفاعلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى