ماكرون ضد حرية التعبير! فرنسا تجرّ إرثها الجمهوري تحت أقواس المحاكم

حسين العياشي

تعيش العاصمة الفرنسية باريس هذه الأيام على وقع محاكمة غير مسبوقة، إذ يُحاكم عشرة أشخاص، صحافيين وناشطين، بتهمة المشاركة في حملة ضخمة من التحرش الإلكتروني ضد السيدة الفرنسية الأولى. هؤلاء المتهمون متورطون في نشر إشاعة غريبة مفادها أن بريجيت ماكرون ليست امرأة، بل رجل متخفٍّ، وهي شائعة وُلدت في فرنسا قبل أن تجد طريقها إلى العالم.

بعد فترة طويلة من الصمت حيال هذه الحملة، قرّر الزوجان إيمانويل وبريجيت ماكرون قلب الصفحة واختيار المواجهة القضائية طريقًا للرد. فالرئيس الفرنسي وزوجته لجآ إلى القضاء، وقدّما دعاوى ضد مطلقي تلك الادعاءات، مؤكدين عزمهما على تقديم أدلة علمية قاطعة تثبت هوية بريجيت بما لا يدع مجالًا للشك.

المحامي توم كلير، المكلّف بملف القضية، أوضح أن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة الحقيقة إلى نصابها بوسائل لا تقبل الجدل. وأشار إلى أن الحملة لم تتوقف عند الحدود الفرنسية، بل وجدت صدى واسعًا لدى بعض الدوائر المتطرفة في الولايات المتحدة، حيث أعادت الناشطة الأمريكية المحافظة كانديس أوينز نشر المزاعم نفسها أمام ملايين المتابعين، متهمة بريجيت ماكرون بانتحال الهوية وارتكاب مخالفات أخلاقية جسيمة. وقد رفع الزوجان دعوى قضائية ضدها أمام القضاء الأمريكي، مؤكدين أنهما سيقدمان في المحاكم هناك أدلة علمية وصورًا توثق حقيقة هوية بريجيت كامرأة وزوجة وأم.

في حديثه لبرنامج «Fame Under Fire» عبر هيئة الإذاعة البريطانية، عبّر توم كلير عن التأثير العاطفي الكبير الذي خلّفته هذه الادعاءات في نفس السيدة الأولى، واصفًا إياها بأنها كانت “مرهقة ومؤذية على المستويين الشخصي والعائلي”. وأضاف: “حين تُهاجم العائلة، ينهكك الأمر مهما بلغت قوتك، والرئيس نفسه ليس بمنأى عن ذلك”.

ووفق ما كشفه كلير، سيعرض الفريق القانوني أدلة علمية ذات طابع خبير أمام القضاء، دون الإفصاح عن تفاصيلها بعد، في خطوة تهدف إلى دحض الادعاءات بطريقة منهجية ومباشرة. كما أشار إلى أن صورًا لبريجيت خلال فترة حملها ومع أطفالها ستُضاف إلى الملف لإثبات بطلان الشائعة بالكامل.
أما كانديس أوينز، التي كانت سابقًا معلّقة في موقع The Daily Wire وتتمتع بنفوذ واسع عبر الإنترنت، فما زالت متمسكة بموقفها، ما جعل القضية تتحوّل إلى حدث إعلامي يتجاوز حدّ الاتهامات الشخصية ليصبح اختبارًا علنيًا لقدرة الحقيقة على الصمود أمام آلة التضليل.

وهكذا، يجد الرئيس الفرنسي وزوجته نفسيهما في قلب معركة قانونية وإعلامية غير مألوفة، حيث تلتقي الكرامة الشخصية بكرامة الدولة، في مواجهة صريحة مع عصر يلتهم الحقيقة ويعيد تدويرها وفق أهواء الغوغاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى