مجلس المستشارين يصادق على قانون الإضراب وسط ضمانات لحماية الخدمات الحيوية

توسيع حقوق الإضراب مع ضوابط جديدة: كيف يوازن القانون الجديد بين مطالب العمال وحماية المجتمع؟

في خطوة تشريعية بارزة، صادقت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين المغربي، ليلة أمس الجمعة، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. جاءت هذه المصادقة بعد مناقشات مستفيضة وتبني عدد من التعديلات التي هدفت إلى تحقيق توازن بين حقوق العمال وحماية المرافق الحيوية للمجتمع.

وافق على المشروع 10 مستشارين، بينما عارضه 5 آخرون، وذلك بعد تقديم 218 تعديلاً شملت مختلف مواد القانون. تم قبول بعض هذه التعديلات، بينما تم رفض أو سحب أخرى، مع إضافة مواد جديدة وحذف أخرى لضمان صيغة متوازنة للنص التشريعي.

تعريف أشمل للإضراب وحماية حقوق العمال

في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، أن القانون الجديد يهدف إلى تحقيق توازن بين حقوق العمال وحماية حرية العمل. وأشار إلى أن الحكومة استجابت لرغبات الشركاء الاجتماعيين من خلال توسيع تعريف الإضراب ليشمل المصالح غير المباشرة للعمال، سواء كانت مادية أو معنوية.

وأوضح السكوري أن الحق في الإضراب يشمل جميع فئات العمال دون استثناء، بما في ذلك أجراء القطاع الخاص، وموظفو القطاع العام، والعمال غير الأجراء، والعمال المستقلين، والعاملات المنزليات، والمهنيين. كما تم تقليص آجال الدعوة إلى الإضراب في القطاع الخاص من 10 إلى 7 أيام، وآجال الإخطار من 7 إلى 5 أيام، مما يسهل على العمال ممارسة حقهم في الإضراب.

تعزيز العقوبات على المخالفين

من بين التعديلات البارزة التي تم تبنيها، زيادة الغرامات المفروضة على المشغلين الذين لا يحترمون القانون، حيث تم رفعها لتصل إلى 200 ألف درهم بدلاً من 20 و30 و50 ألف درهم. كما تم إدراج مادة جديدة تنص على عدم تطبيق الإكراه البدني في حق العامل الذي يخالف أحكام القانون إذا كان في حالة عسر مالي.

حماية المرافق الحيوية والحد الأدنى من الخدمة

حرص القانون الجديد على حماية حقوق المجتمع من خلال ضمان عدم تأثر صحة وسلامة وأمن المواطنين بالإضرابات. وتم التنصيص على تعريف دقيق للمرافق الحيوية والحد الأدنى من الخدمة التي يجب أن تظل عاملة خلال الإضرابات. وأوضح السكوري أن النص يسمح للنقابات والمشغلين بالاتفاق على العمال الذين سيقومون بتقديم الحد الأدنى من الخدمة، مع إمكانية اللجوء إلى القضاء في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

تدخل الحكومة في الحالات الاستثنائية فقط

أشار الوزير إلى أن السلطة الحكومية لن تتدخل لوقف أو منع الإضراب إلا في حالات استثنائية، مثل الأزمات الوطنية الحادة أو الكوارث الطبيعية. وأكد أن هذا المقتضى يتماشى مع المعايير الدولية، خاصة تلك التي تضعها منظمة العمل الدولية.

تشجيع التفاوض بين الأطراف

أكد السكوري أن الحكومة تهدف من خلال هذا القانون إلى تشجيع التفاوض بين المشغلين والأجراء، مع الحرص على احترام التشريعات الدولية ذات الصلة بحق الإضراب. وأشار إلى أن القانون يرفض فكرة “الإضراب الفجائي”، الذي لا يتماشى مع المعايير الدولية.

خطوة نحو التوازن التشريعي

خلص الوزير إلى أن الصيغة الحالية للقانون تعتبر “متوازنة”، حيث تجمع بين حماية حقوق العمال وضمان استمرارية الخدمات الحيوية للمجتمع. وأكد أن الحكومة ستواصل دراسة التعديلات المقترحة على الديباجة والمادة الأولى من القانون قبل عرضه على الجلسة العامة للمجلس.

يُعتبر هذا القانون خطوة مهمة في تعزيز الحقوق العمالية في المغرب، مع الحفاظ على التوازن بين مصالح العمال والمشغلين وحماية المصلحة العامة. ومن المتوقع أن يشكل نقلة نوعية في العلاقات الاجتماعية والمهنية، مع تعزيز ثقافة التفاوض والحوار بين الأطراف المعنية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى