“محقق الشعب” يميط اللثام عن اختلالات ومكامن القصور في توجيه الدعم الاجتماعي (فيديو)
فاطمة الزهراء ايت ناصر: صحافية متدربة
يمثل إصلاح منظومة الدعم الاجتماعي في المغرب أحد أبرز المشاريع الهيكلية التي تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة. ومع تطلع المملكة لتطوير سياسات تستجيب لاحتياجات الفئات الأكثر هشاشة، تتباين وجهات النظر حول آليات تنزيل هذا المشروع الطموح وتحدياته.
في هذا السياق، شهدت حلقة “توقيف الدعم الاجتماعي” من برنامج “محقق الشعب” الذي يبث على قناة “إعلام تيفي ” نقاشا حادا حول جدوى الإجراءات الحكومية الحالية، ومدى قدرتها على تحقيق التوازن بين دعم الفئات الهشة وضمان استدامة الموارد المالية، وسط مطالب بتحديد معايير أكثر دقة وشفافية لضمان نجاح هذا الورش الوطني الكبير.
تنزيل ورش الدعم الاجتماعي
صرّح أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة داخل مجلس النواب، بأن إصلاح الدعم الاجتماعي كان طموحًا للملك الراحل الحسن الثاني وتوجهًا استراتيجيًا لجلالة الملك محمد السادس، حيث سعيا لإدماج الجانب الاجتماعي في السياسات العمومية. وأوضح أن الحكومة الحالية لا تدعي أنها صاحبة هذا المشروع، بل هو تنزيل لرؤية ملكية شملت مشاريع عديدة مثل توزيع المحافظ ودعم الأرامل، مشيرًا إلى أن الحكومات المتعاقبة لاحظت أن الدعم كان يستهلك ميزانيات ضخمة دون التمييز بين الفقير والغني.
وأضاف التويزي خلال استضافته بقناة “إعلام تيفي “، في برنامج “محقق الشعب” الذي يقدمه الزميل أشرف بلمودن، أن معايير الاستفادة من الدعم تخضع لتحديثات مستمرة لتتناسب مع إمكانيات الدولة، مشددًا على أن مشروعًا بهذا الحجم لا يمكن تنفيذه بشكل كامل في فترة قصيرة، وأن السجل الاجتماعي الموحد يشهد تطورًا تدريجيًا ليعزز من استهداف الفئات المستحقة.
انتقادات لسياسات الحكومة في إدارة الدعم الاجتماعي
من جهته، أكد عبد الرحيم شهيد ، رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب، أن الحكومة أثرت سلبًا على الفئات الفقيرة بإلغاء صندوق المقاصة بحجة أنه كان يُهدر الأموال ويستفيد منه الأغنياء، لكن في المقابل قدمت دعمًا سخياً لمستوردي العجول بقيمة 8 مليارات درهم، بينما كانت شحيحة مع الفقراء، حيث وفرت لهم دعماً بقيمة لا تتجاوز 500 مليون درهم.
وأشار شهيد إلى أن الدعم الموجه للفلاحة وأعالي البحار والقطاع الصناعي يعتبر مبالغًا فيه. وأضاف: “الدولة الاجتماعية تعني التوازن. اليوم نجد فئات تفكر في عدم تزويج بناتها خوفًا من فقدان الدعم، كما تتداول أنباء عن وقف الدعم للفتيات اليتيمات اللواتي يعشن بمفردهن.”
تمويل الحماية الاجتماعية وتحديات الصندوق الموحد
وفيما يتعلق بتمويل الحماية الاجتماعية، أوضح شهيد أن المشروع يحتاج إلى 50 مليار درهم، منها 25 مليارًا مخصصة لتغطية التكاليف المتعلقة بالفئات المستهدفة، بينما تعتمد الحكومة على تحصيل المبلغ المتبقي من القطاعات غير المهيكلة.
لكنه شدد على أن الأرقام التي أعلنتها الحكومة حول عدد المساهمين من الفلاحين والصناع التقليديين ما زالت غير واقعية، ما يجعل تحقيق أهداف الصندوق أمراً صعباً، وربما يتطلب العودة إلى إنشاء صندوق المقاصة.
الدعم بين الفئات الغنية والهشة
وفي السياق ذاته، أشار التويزي إلى أن المقارنة بين الدعم الموجه للفئات الهشة والفئات الغنية تفتقر للتوازن. وذكر أن الحكومة خصصت دعماً كبيراً لقطاع اللحوم لتوفيرها بأسعار مناسبة، لكن النتائج لم تحقق الأهداف المرجوة. كما أوضح أن الدعم الموجه للمؤسسات الصناعية يهدف لتعزيز المنافسة وخلق فرص العمل، وهو دور محوري يجب أن تقوم به الحكومة، لكن ينبغي توجيه الدعم بشكل أكثر عدالة.
وأضاف بالنسبة للتأمين الاجباري، من المهم أن تشارك فيه جميع فئات المجتمع. لكن التحدي يكمن في وجود شريحة كبيرة، مثل المتقاعدين، والمحامين المهندسين، ترى أنها ليست بحاجة لهذا النوع من الدعم، مما يدفعها لعدم الانخراط فيه.
أهمية التضامن الاجتماعي
وفي هذا السياق اختتم شهيد تصريحاته بالتأكيد على أن غياب التضامن الاجتماعي سيؤدي إلى تحميل المواطن أعباءً إضافية، مشددًا على ضرورة الالتزام بمبدأ الإنصاف في توزيع الدعم لضمان تحقيق الأهداف المنشودة من ورش الحماية الاجتماعية.