محمد الغالي ل”اعلام تيفي “: المعارضة لا تملك النصاب ولا التجانس لإسقاط الحكومة

نجوى القاسمي
في خضم التفاعلات السياسية المتواصلة تحت قبة البرلمان، تتجه المعارضة البرلمانية نحو إعادة طرح ملتمس الرقابة، بعد أن توصلت مكوناتها إلى شبه اتفاق نهائي حول هذه الخطوة. وتهدف المبادرة إلى إثارة المسؤولية السياسية للحكومة، بعد فشل محاولة سابقة قادها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي تعثرت بسبب تباين السياقات والخلفيات آنذاك.
ويبدو أن أحزاب المعارضة، الممثلة في الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، قد قررت تجاوز الخلافات القديمة، مستفيدة من مناخ سياسي يشجع على التكتل في وجه حكومة ينظر إليها على أنها تتمتع بأغلبية مريحة تُصعب محاسبتها. ففي أبريل من السنة الماضية، كانت هذه الأحزاب قد اجتمعت لمناقشة تقديم الملتمس، غير أن غياب التوافق، وخصوصا غياب حزب العدالة والتنمية عن المشاورات، دفع إلى تأجيل الخطوة إلى وقت لاحق.
اليوم، تعود الفكرة إلى الواجهة مع إعلان فرق المعارضة الثلاثةا لفريق الاشتراكي، وفريق التقدم والاشتراكية، والفريق الحركي تلقيها الضوء الأخضر من زعماء أحزابها للشروع في المسطرة الدستورية لتقديم ملتمس الرقابة. فيما لا يزال موقف المجموعة النيابية للعدالة والتنمية قيد الحسم، وسط توقعات بأن تنضم إلى ركب المبادرة لتُكسبها زخما سياسيا إضافيا.
وفي تحليل سياسي للوضع، أوضح الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، في تصريح خص به موقع “إعلام تيفي“، أن طرح ملتمس الرقابة يمكن قراءته من زاويتين: تقنية وسياسية. فعلى المستوى التقني، أشار إلى أن المعارضة تتوفر على 126 مقعداً من أصل 395، بينما تتمتع الأغلبية بـنحو 260 مقعداً تمنحها راحة دستورية كبيرة. ووفقا للفصل 105 من الدستور، يتطلب تقديم ملتمس الرقابة توقيع خمس أعضاء مجلس النواب، أي ما يعادل 79 عضواً، وهو ما يمكن بلوغه بسهولة من خلال تكتل الاتحاد الاشتراكي (31 مقعداً)، والحركة الشعبية (29)، والتقدم والاشتراكية (21)، وربما حتى الاتحاد الدستوري (19) إذا التحق بالمبادرة.
غير أن التحدي، حسب الغالي، لا يكمن في تقديم الملتمس بل في تحقيق هدفه السياسي، أي إسقاط الحكومة، وهو أمر “شبه مستحيل” في ظل ضرورة توفر الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، أي 198 صوتاً، وهو ما يعادل تقريباً ضعف ما تملكه المعارضة حالياً.
وعلى المستوى السياسي، يرى الغالي أن غياب التجانس في الخطاب بين مكونات المعارضة، وافتقار اليسار لوحده للنصاب، يجعل من الملتمس أداة لإثارة الانتباه أكثر من كونه وسيلة لإحداث تغيير فعلي. ووصف هذه الخطوة بـ”تحريك المياه الراكدة”، التي قد تمنح بعض الأحزاب فرصا لمناورة سياسية داخل علاقة شد الحبل مع الأغلبية، أو على الأقل كسب بعض النقاط التفاوضية.
وختم استاذ العلوم السياسية تصريحه بالتأكيد على أن تقديم ملتمس الرقابة لن يخرج عن كونه صرخة رمزية في وجه أغلبية وصفها بـ”السميكة”، قادرة على تفادي أي مساءلة سياسية بفضل تركيبتها العددية المريحة.
فهل ستكون هذه الخطوة صفارة إنذار سياسية حقيقية؟ أم مجرد تمرين دستوري محدود الأثر في سنة انتخابية على وشك أن تبدأ عدّها التنازلي؟