محمد بوخانة: سفير الخط المغربي بمعرض الشارقة.. مسار حافل وتكريم ملكي مستحق
إعلام تيفي / عبد العزيز بويملالن
شارك المغرب في معرض الشارقة الدولي للكتاب المنظم من 6 نونبر إلى غاية 17 نونبر 2024، حيث كان المغرب ضيف شرف الدورة الحالية، واحتفى بالتنوع الثقافي للمملكة المغربية وأدبها وتراثها العريق في جناح خاص به.
وشهد الحدث مشاركة الخطاط المغربي الملهم محمد بوخانة البالغ من العمر 54 عاما، والحائز على جائزة محمد السادس ضمن الوفد المغربي، لافتا انتباه زوار الجناح المغربي في المعرض المنبهرون بكتابته في الخط العربي والمغربي ذو التاريخ العريق.
فالتكريم الملكي للخطاط محمد بوخانة سبقه عطاء كبيرا، إذ يعد ابن مدينة وجدة رائدا من رواد الخط المغربي والعربي منذ حصوله شهادة الاجازة في الخط المغربي سنة 2007، وعضو لجان تحكيم دولية في المجال، ومدير معارض وطنية ودولية، إضافة أنه يقدم دورات تكوينية ومحاضرات وورشات في فنون الخط للعديد من الطلبة من جنسيات مختلفة عبر العالم، وله معارض جماعية وفردية داخل وخارج أرض الوطن
التفاصيل:
بدايات الأستاذ محمد بوخانة الفريدة من نوعها
قال محمد بوخانة، أن بداية رحلته في عالم الكتابة بالخط العربي بدأت في القسم الأول، عندما سخر معلمه من رداءة كتابته، ووصف يده بـ ” أرجل الدجاج” لضعف كتابته بالريشة، حيث لا يعرف الطفل كيفية الضغط والتعامل مع الوسيلة الواحدة للكتابة في ذلك الوقت، مشيرا إلى أن الأطفال في سبعينيات القرن الماضي يدرسون بالريشة والحبر، فـ ” الطويلات توجد بها ثقوب تملئ بالحبر، أما الريشة فهناك الخاصة بالعربية وأخرى بالكتابة اللاتينية( لا نقول الفرنسية لأننا نتحدث عن نوع الحرف وليس اللغة)”وفق المتحدث.
وأضاف مدير مؤسسة أرطالوجيا للتنمية الذاتية في تصريحه لموقع إعلام تيفي”، أنه كان يحمل موهبة الرسم كباقي الأطفال بها يحاكي الرسوم المتواجدة في الكتب المدرسية، معتبرا فعل الاستفزاز والسخرية الذي قام به معلمه الانطلاقة الأولى لمسيرته المتميزة، قائلا: ” أخرج استفزاز معلمي، ما بداخلي وانفجر في ذاتي ذلك الفنان والخطاط ليخرج إلى الوجودّ.. وبعد مدة كبرت فيها نادتني وزارة التعليم لتأطير ورشة لفائدة الأساتذة والمعلمين الذين يدرسون مادة اللغة العربية والفرنسية بمدينة وجدة في موضوع فلسفة الأسطر البينية و هندسة الحروف. وكان من بين الحضور المعلم الساخر مني رحمة الله عليه”.
وتابع الفنان قصته الملهمة، ” ومن غرائب الصدف أن الطفل الذي كان يكتب بأرجل الدجاج تم تكريمه فيما بعد من طرف الملك محمد السادس نصره الله، بالجائزة التي تمنح لكبار الخطاطين بالمغرب الذين أسهموا في الحفظ على الموروث الثقافي المتمثل في فن الخط وتحديدا الخط المغربي، بالإضافة إلى مسؤولية تبليغه وايصاله إلى الأجيال اللاحقة بكل أمانة مع دراسته والبحث فيه”.
محمد بوخانة: سفير الخط المغربي بمعرض الشارقة
بخصوص مشاركته بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، قال الخطاط المغربي، أن الركن المخصص للخط المغربي كان فرصة سانحة للزوار للتعرف على هذا الموروث الغني والقديم، حيث فيه كان بوخانة محاضرا ومعالجا بالفن ومشرفا على تقديم ورشات مباشرة في المعرض، لافتا إلى أن عددا كبيرا من الطلبة والأساتذة من مختلف دول العالم كالصين والهند طلبوا رقم هاتفه للتواصل معه وتعليمهم موهبة الخط العربي والمغربي بالخصوص عبر مجموعات في الواتساب والفيسبوك.
وأكد أستاذ الفنون الجميلة وفن الخط ذو الأربعة وخمسين عاما، أن حصوله على جائزة الملك محمد السادس في فن الحروفية لسنة 2022، يعد تكليفا من الملك بعد تكريمه ، والدليل على ذلك سهر بوخانة على ارضاء الزوار والتعامل معهم بأخلاقه العالية وبالطيبوبة المعروفة لدى المغاربة، و يلبي طلباتهم( الزوار) في كتابة أسمائهم بفن الخط بالإضافة إلى كتابة الاقوال و الايات التي تطلب منه في المعرض، مشيرا إلى أنه يكتب ما يزيد عن 200 اسما في 200 ورقة يوميا بفن الخط المغربي والخط الديواني المؤسلب، أي بأسلوب خاص وسريع وبشكل مبهر يسعد الزوار وهم ينظرون إلى اللوحات تنجز مباشرة أمام أعينهم.
الخط العربي:”علم وفلسفة وفن” ذو تاريخ عريق
وجوابا عن سؤال موقع “إعلام تيفي” حول دلالات فن الخط العربي، قال المتحدث ذاته أنه يعد علما وفنا وفلسفة، فـ ” علما لأنه يعتمد على قواعد وضوابط خاصة، وفنا لأنه كباقي الفنون يعتمد على الاحساس المرهف ودقة الملاحظة والقدرة على إخراج المتخيل و الصورة الذهنية لهندسة الحرف في الوجود المتمثل في الورقة، أما فلسفة معناه أنه يعكس نفسية الفنان والخطاط، فمثلا الخط الكوفي نسبة إلى الكوفة نجد فيه قساوة في البناء ويعتمد على المسطرة والأدوات الهندسية ولكن له جماليته في البناء والشكل العام” بحسب المتحدث.
وذكر بوخانة أيضا، ” الخط الديواني العثماني نسبة إلى الاتراك، ويوجد نفس الخط الديواني يسمى الغزلاني نسبة إلى غزلان بيك في مصر، حيث يختلف معه ببعض التجاوزات والمقاييس التي تكبر الخط الديواني المعروف عند العثمانيين وهو طبعا يعكس روح المصريين وخفة دمهم”.
وفي ما يتعلق بالخط المغربي، أشار أن: ” المغاربة أضافوا لمسة خاصة على خطوطهم، حيث تجدر الاشارة أنه مستخرج ومستلهم من الخط الكوفي القديم، و فيه أنواع كثيرة أبرزها خط المبسوط ولحد الان المغاربة يكتبون المصاحف به، إضافة إلى خط الثلث المغربي (المشرقي)، بمعنى أنه مستلهم من خط الثلث المشرقي لكن بلمسة خاصة بالمغاربة”، مشيرا إلى أن خط الثلث المشرقي يتم اعتماده في كتابة عناوين الدروس الحسنية المقامة بالقصر أمام الملك محمد السادس.
وأضاف المتحدث في الخط المغربي: ” ذكر خط المخطوطات وهو خط مجوهر وفيه أنواع مجوهر الفاسي، والمراكشي ثم يأتي بعده الخط الكوفي بأنواعه، فالمريني والموحدي والسعدي نسبة إلى الدول التي تعاقبت على حكم المغرب، وأخيرا نجد الخط الزمامي وهو خط كان يعتمده العدول في كتابة بعض العقود ويتميز بصعوبته في القراءة على عامة الناس”.