تعموتي: مردودية الاستثمار في المغرب تراجعت إلى 9.8% بين 2000 و2024

إعلام تيفي

أوضح محمد تعموتي، مدير الدراسات الاقتصادية ببنك المغرب، في مداخلته الموسومة بـ”مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمار”، خلال ندوة وطنية بمجلس المستشارين، اليوم الأربعاء  11 يونيو، أن الموضوع يكتسي أهمية كبيرة في السياق الوطني والدولي، لكونه يجمع بين ثلاث إشكاليات مهمة في السياق الحالي تتعلق بتقييم السياسات العمومية، والاستثمار، والتشغيل.

وفي هذا الإطار، نوه بالوعي المتزايد بأهمية التقييم الذي يشكل ضرورة لضمان نجاعة السياسات العمومية، مبرزا أن الاستثمار يعتبر من القضايا المهمة في المغرب، لكونه ضروريا لخلق الثروة والتشغيل، في حين أن التشغيل يشكل ركيزة للانسجام الاجتماعي ووسيلة أساسية لضمان مستوى معيشي لائق للسكان.

وأشار إلى أن مناقشة هذه المواضيع اليوم تكتسي أهمية خاصة نظرا للظرفية الدولية المتسمة بالتحولات العميقة للمفاهيم وبمستوى استثنائي من عدم اليقين الذي يحيط بالقرار السياسي.

وأكد أنه في السنوات الأخيرة، أصبح عدم اليقين سمة ثابتة على الصعيد الدولي مع ارتفاعات حادة خاصة مع جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا ومؤخرا مع إعلان سياسة التعريفات الجمركية الجديدة في الإدارة الأمريكية أوائل أبريل، وهو ما يشكل تحديا في السياسة العامة لبلادنا التي تجد نفسها مضطرة للتكيف مع هذا الوضع الصعب.

واعتبر أن هناك إجماعا شبه كامل على أن بلادنا، بفضل السياسة المتبصرة للملك محمد السادس، قادرة على الاستفادة من هذه التحولات، مظهرة قدرة كبيرة في التكيف مع هذا المشهد العالمي المعقد.

وأكد أنه من خلال الأرقام التي قدمها وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، يمكن القول إنه في غضون سنوات قليلة تمكن المغرب من الانتقال من بلد يصدر بشكل رئيسي المنتجات الزراعية إلى فاعل حاضر على الخرائط العالمية في عدة سلاسل صناعية ذات قيمة مضافة عالية من بينها صناعة السيارات والطيران والأسمدة وغيرها.

وأضاف أن المغرب منذ بداية الألفية بذل جهدا في مجال الاستثمار حيث بلغ حوالي 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمتوسط عالمي بمعدل 25.2 في المئة، ويعكس هذا الجهد الرغبة القوية في البلاد وتمكينها من التنمية الاقتصادية والاجتماعية اللازمة، وقد ساهم ذلك في تسريع النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل بشكل واضح خلال العقد الأول من الألفية.

وتلابع أنه في سياق التوترات الجيوسياسية خارجيا وداخليا بتوالي سنوات الجفاف، ضعفت مردودية الاستثمار قياسا بمعدل رأس المال الحدي الذي يترجم الجهد الاستثماري الضروري لخلق نقطة مئوية من النمو، فقد بلغت هذه المردودية 9.8 في المئة في المتوسط بين 2000 و2024 مقابل 4.8 في الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض التي ينتمي إليها المغرب و6.1 كمعدل عالمي.

وأشار إلى أنه بالإضافة إلى تباطؤ النمو شهد محتواه من التشغيل تراجعا، حيث أصبحت كل نقطة نمو تخلق 21 ألف فرصة عمل بين 2010 و2019 عوض 30 ألفا بين 2000 و2009، وكانت النتيجة زيادة معدل البطالة في السنوات الأخيرة.

ولفت إلى أنه من الواضح أن الظروف المناخية غير المواتية ساهمت إلى حد كبير في هذه التطورات مع خسارة هامة وعدم كفاية فرص الشغل في القطاعات الأخرى لاستيعاب القوى العاملة المتاحة في الفلاحة.

واعتبر أن تعزيز الاستثمار وتسريع النمو والتشغيل يشكل تحديا لكل البلدان سواء المتقدمة أو الناشئة، ونجحت بلادنا في ترسيخ مكانتها كدولة مستقرة وشريك موثوق مع الإطار الماكرو اقتصادي.

وتلقى هذه الإنجازات، حسب تعموتي، ترحيبا من جانب المؤسسات الدولية كتجديد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في إطار خطة الائتمان المرن، وكذا من جانب الأسواق المالية كما تدل عليها الظروف المواتية التي ميزت إصدار سندات الخزينة، وتنعكس الفوائد الاقتصادية لهذه الوضعية في تدفقات استثمارية هامة.

وأكد على ضرورة تحسين مناخ الأعمال، مبرزا أن الشراكات بين القطاع العام والخاص التي تم تعزيزها من خلال ميثاق الاستثمار الجديد تعد توجها حكيما، حيث تم تخاذ عدة إجراءات كإنشاء الصندوق الوطني للاستثمار واعتماد ميثاق الاستثمار الجديد.

وشدد تعموتي على أن الطريق لا يزال طويلا، والتحدي اليوم هو جعل القطاع الخاص يتولى المبادرة بشكل فعال في الاستثمار والنمو وخفض الضغط على الموارد العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى