مشروع قانون حماية التراث بالمغرب..مناقشة تشريعية لصون الذاكرة وتثمين الهوية

فاطمة الزهراء ايت ناصر

في إطار حرص المملكة المغربية على صون تراثها الثقافي الغني والمتنوع، عُرض على لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين مشروع قانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث. هذا المشروع، الذي وافق عليه مجلس النواب بتاريخ 5 فبراير 2025، يندرج ضمن الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الحماية القانونية للتراث الوطني، بشقيه المادي وغير المادي.
يهدف القانون إلى حماية التراث الثقافي من الاستحواذ غير المشروع، ويستحضر التحديات المرتبطة بالاتجار بالممتلكات الثقافية، خاصة بعد تسجيل اكتشافات أثرية مهمة جعلت من المغرب محطة اهتمام علمي عالمي. كما يأتي في أفق احتضان المملكة لكأس العالم 2030، وهو ما يفرض تأهيل التراث ليكون رافعة للتنمية والسياحة الثقافية.

ويرتكز المشروع على أربعة أهداف أساسية: ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية، توسيع مفهوم التراث ليشمل العناصر الجيولوجية والطبيعية، إدماج البعد الاقتصادي في حماية وتثمين التراث، ثم تشجيع الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص في الصناعات الثقافية.

وشهدت المناقشة العامة للمشروع إشادة من المستشارين، الذين اعتبروا النص تحولا نوعيا في مسار حماية التراث. كما تم التأكيد على ضرورة إدماج الرقمنة والذكاء الاصطناعي في عمليات الجرد والتصنيف، وربط التراث بالمدرسة والإعلام والسينما لتعزيز حضوره في الوعي الجماعي.

أثناء المناقشة التفصيلية، تطرقت اللجنة لتعريفات دقيقة تشمل التراث المادي وغير المادي، المواقع الطبيعية، التراث الجيولوجي والمغمور بالمياه. وجرى التأكيد على وضع ضوابط لحماية المعالم وتحديد مناطق ارتفاقات تنظيمية لضمان عدم المساس بمحيطها، إلى جانب إقرار المسؤولية القانونية للدولة في الصيانة والحماية.

وبلغ مجموع التعديلات المقترحة على المشروع 104 تعديلات تقدمت بها مختلف الفرق والمجموعات البرلمانية، إضافة إلى بعض المستشارين.

  • الفريق الحركي: 24 تعديلًا
  • فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب: 32 تعديلًا
  • فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب: 11 تعديلًا
  • فريق الاتحاد المغربي للشغل: 22 تعديلًا
  • المستشاران خالد السطي ولبنى علوي: 15 تعديلًا

ورفضت الحكومة جميع التعديلات المقترحة، مما أدى إلى سحبها من طرف مقدّميها. وخلصت اللجنة إلى المصادقة بالإجماع على مشروع القانون مادة بمادة، ثم على المشروع برمته دون أي تعديل.

ويشكل هذا المشروع خطوة استراتيجية نحو حماية التراث الوطني، ويؤسس لرؤية تجعل من التراث ليس فقط موروثا ثقافيا بل أيضًا رافعة للتنمية، وأداة لتعزيز الهوية الوطنية في الحاضر والمستقبل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى