من التجمع الوطني للاحرار إلى الاستقلال.. الترحال السياسي يفقد المنتخبين مصداقيتهم

نجوى القاسمي : صحافية متدربة
في سياق القرار الأخير ، أيدت محكمة النقض بالرباط، الخميس الماضي، الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري في كل من إدارية وجدة واستئنافية الرباط، والقاضية بعزل حكيم غالب، مرشح حزب الاستقلال، من عضوية جماعة عين زورة بإقليم الدريوش. الحكم، الذي جاء في ملف رقم 1489/2022، يضع مجددا ظاهرة “الترحال السياسي” في دائرة الضوء، ويثير تساؤلات حول الحاجة إلى ميثاق أخلاقي ملزم للأحزاب السياسية المغربية.
بدأت القصة في 2021 عندما تقدم جمال الهمسماس، مرشح الحركة الشعبية، بالطعن في نتائج الانتخابات الجماعية بعد فوز حكيم غالب بمقعد الدائرة 3 في جماعة عين زورة. الطعن كان يتعلق بترشح غالب تحت لواء حزب الاستقلال دون أن يقدم استقالته من حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كان ينتمي إليه سابقا.
الترحال السياسي الغير المقبول يعكس في جوهره مشكلة تتعلق بعدم وضوح المواقف السياسية، وهو ما أصبح يشكل تهديدا لاستقرار الحياة السياسية في المغرب.
قبل قضية حكيم غالب، كانت محكمة النقض قد أيدت في وقت سابق أحكاما مشابهة صدرت عن القضاء الإداري ضد أحد أعضاء جماعة عين الزهرة، الذي كان ينتمي أيضا لحزب التجمع الوطني للأحرار قبل أن يترشح باسم حزب الاستقلال دون أن يستقيل من الحزب الأول. هذا الترشح أسفر عن فوزه بمقعد الدائرة الـ5 في الجماعة.
في هذا السياق، من المتوقع أن يصدر عامل إقليم الدريوش قرارا يقضي بحل مكتب المجلس الجماعي لجماعة عين زورة، استنادا إلى المواد 20 و 21 و 63 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية. كما سيتم استدعاء المجلس لانتخاب رئيس جديد، بالإضافة إلى باقي أعضاء المكتب وكاتب المجلس، وفقا للإجراءات والشروط المحددة في القانون التنظيمي.
هذا الحكم يسلط الضوء على تفشي ظاهرة الترحال السياسي، التي لا تقتصر على أفراد بعينهم، بل تمتد لتشمل العديد من أعضاء المجالس المنتخبة الذين يغيرون ولاءاتهم الحزبية بحثا عن مصالح شخصية أو سياسية. بينما يمكن أن يُنظر إلى هذا القرار كإجراء قانوني يهدف إلى الحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية، فإن تكرار مثل هذه القضايا يعكس الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في النظام السياسي.
وبعد تزايد عدد المحاكمات والقرارات القضائية المرتبطة بالترحال السياسي، أصبح من الضروري أن تتبنى الأحزاب السياسية ميثاقا أخلاقيا يعزز من احترام المبادئ الديمقراطية ويحد من التلاعب بالولاءات الحزبية. ميثاق أخلاقي ملزم يمكن أن يشمل آليات واضحة لمحاسبة أي مرشح أو عضو ينتقل من حزب إلى آخر دون مبررات مقنعة، وكذلك تحديد ضوابط تحترم التزامات المسؤولين أمام الناخبين.
إذا كانت الأحزاب السياسية تسعى إلى تعزيز الثقة في النظام السياسي المغربي، فلا بد لها من أن تضع حدا لهذه الظاهرة التي تزعزع مصداقيتها وتؤثر سلبا على الرأي العام.