من التوقيع الإلكتروني إلى التهميش الجامعي.. إصلاح بلا رؤية

نجوى القاسمي
أعلنت الحكومة، على لسان والناطق الرسمي، مصطفى بايتاس، عن خطوة تقنية جديدة في إطار امتحانات الباكالوريا 2025، تتمثل في رقمنة شهادات الباكالوريا وبيانات النقط، إضافة إلى اعتماد التوقيع الإلكتروني لمديري الأكاديميات الجهوية، كبديل للتوقيع اليدوي.
الإجراء، الذي قُدم خلال ندوة صحفية الخميس 5 يونيو أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، قوبل بترحيب تقني باعتباره يدخل ضمن جهود محاربة التزوير وتعزيز مصداقية الوثائق الرسمية. لكن واقع الحال يطرح سؤالا : هل تكفي شهادة رقمية لتصحيح مسار ما بعد الباكالوريا؟
إصلاح سطحي أم رؤية تربوية شاملة؟
في الوقت الذي تسارع فيه الحكومة إلى تحديث الشكل ، تتجاهل أو تؤجل معالجة الأهم مآل التلاميذ بعد نيل شهادة الباكالوريا. فالمشهد الراهن يعكس غياب بوصلات واضحة لتوجيه التلاميذ نحو التكوين الملائم، أو فتح آفاق الولوج المنصف إلى المدارس العليا والمعاهد المرموقة.
فهل تساءلت الوزارة، عن واقع الطلبة المتفوقين من الأسر ذات الدخل المحدود، الذين لا يصلون إلى مؤسسات النخبة رغم تفوقهم الدراسي؟ هل هناك خطة حقيقية لتوفير نظام توجيه مدرسي ومهني فعال منذ السنوات الأولى للثانوي التأهيلي
بالموازاة مع هذا التطور الرقمي، تبقى المنظومة التكوينية والجامعية بعيدة عن الدينامية الاقتصادية وسوق الشغل المتحول. فعدد كبير من حاملي شهادة الباكالوريا، وحتى الشواهد العليا، يصطدمون كل سنة ببطالة مقنعة أو بطالة كاملة، نتيجة تكوين لا يواكب حاجيات المقاولات ولا يتفاعل مع التحولات التكنولوجية والمجالية.
شهادة مؤمنة.. ومسارات هشة
نعم، لا شك أن التحول الرقمي في إصدار الوثائق التربوية خطوة إيجابية نحو الشفافية، لكن تأمين الشهادة لا يعني تأمين المستقبل. فالعبرة ليست فقط في الوثيقة، بل في ما يترتب عنها فرص التكوين، العدالة المجالية في الولوج إلى المعرفة، ونظام جامعي يتسم بالمرونة والنجاعة والعدالة.