من الرباط إلى غزة.. صوت الشعب ونبض الضمير

فاطمة الزهراء ايت ناصر

في صباحٍ رماديّ أثقله وقع المطر، تنفّست الرباط روحاً جديدة. الشوارع الرطبة، التي اعتادت صمت الأحد، امتلأت بخطى آلاف المغاربة، جاؤوا من مدن وقرى متفرقة، يحملون قلوبهم وأعلام فلسطين، ليصنعوا معاً مسيرة ربما إعتادو عليها.

من باب الحد، انطلقت المسيرة. رجال ونساء، أطفال وشيوخ، سلكوا الطريق نحو البرلمان. كانت الأعلام ترفرف ، والهتافات تعلو : “بالروح، بالدم، نفديكِ يا فلسطين”… “المغرب وفلسطين، شعب واحد، لا شعبين”.

أطفال صغار نصبوا خياماً تمثل مخيمات النزوح في غزة، وارتدى بعضهم ملابس مخضبة باللون الأحمر، رمزيةً للدماء التي أُريقت ظلماً. آخرون ارتدوا زي المقاومة.

المجسمات التي وُضعت على طول الطريق كشفت عن عمق الجرح: صفوف من عبوات فارغة تمثل نقص الغذاء، برك ماء موحلة ترمز للعطش، وصور لبيوت صارت أنقاضاً. وكل تفصيلة، وإن صغرت، كانت تقول شيئاً عميقا.

الوجوه، رغم البرد والمطر، كانت مشتعلة بالحياة. ناشطون حقوقيون، طلاب، أسر بأكملها، كلهم جاؤوا ليقولوا لا… لا للتهجير، لا للحصار، لا لصمت العالم.

لم تغب صورة ابتهال أبو سعد عن مسيرة الرباط، بل كانت حاضرة بكل تفاصيلها. حمل المتظاهرون صورها بين الحشود، ورددوا اسمها بفخر كما يُذكر اسم مقاوم أو شهيد. كانت تمشي معهم وإن لم تكن جسدًا بينهم، تتقدم الصفوف بصمتها الصاخب وقرارها الجريء.

ابتهال لم ترفع لافتة، لكنها أصبحت لافتة بحد ذاتها. صورتها بعد استقالتها من مايكروسوفت، تحولت إلى رمز للموقف الأخلاقي، والضمير الذي لا يُشترى.

ومن خلف هذا الحشد الصامد، تردّد صدى رقم مخيف؛ أكثر من 167 ألف قتيل وجريح منذ السابع من أكتوبر، غالبيتهم نساء وأطفال، وأكثر من 11 ألف مفقود تحت الركام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى