من النضال النسوي إلى التهريج الرمزي .. وقفة بلا قضية

نجوى القاسمي

أثارت الوقفة  امس في سياق اليوم العالمي للشغل التي نظمتها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، تحت شعارات مثل “خاصنا نقسمو شغل الدار” و”لا بد من تثمين العمل المنزلي”، موجة من السخرية والرفض الواسعين على منصات التواصل الاجتماعي لأنها خرجت عن المألوف ، و أيضا  لأنها  في نظر كثيرين  عبرت عن انفصال تام عن واقع الشارع المغربي، وانشغال بنقاشات بعيدة عن هموم المواطن اليومية.

النضال السهل حين يتحول الشارع إلى مسرح للتهريج

مشهد رجال يرتدون “طابليات” المطبخ ويهتفون وسط الشارع العام مطالبين بتقاسم المهام المنزلية، لم يُقرأ كحركة رمزية جادة بقدر ما فُهم على أنه استعراض كاريكاتوري يفتقر للحد الأدنى من الجدية. أحد المعلقين لخص الموقف قائلا:

“شنو الدافع لي يخلي راجل يلبس مريول ويغوت فالزنقة؟ ياك ما خونا باغي يبان كيوت ويشري ود شي عيالات؟”.

الوقفة، في نظر المنتقدين، اختزلت قضايا المرأة في الصحن والمكنسة، وأعادت النقاش إلى سطحية مفرطة تستهين بعقل المتلقي.

 

أنا نفهم المرأة ، ولكن

حتى الأصوات النسائية، لم تكن كلها في صف هذا النوع من التعبئة. تعليقات كثيرة على فيسبوك وإنستغرام وصفت المشاركات بـ”الضائعات”، واعتبرت أن بعضهن ربما لا يفهمن فعلا لماذا خرجن، في إشارة إلى افتقار الحراك إلى خلفية فكرية واضحة، واعتماده على شعارات عامة أقرب إلى الهزل منها إلى الدفاع عن الحقوق.

كتب أحد المتابعين:

“بحال هاد الخرجات بحال لي خرجو فاش قالو ‘ضد أسلمة الشعب’، وما عرفوش أصلا علاش خرجو… هادشي مجرد تكرار للعبث”

عندما يغيب الحس السياسي ويستبدل بالاستعراض

الخطير في الأمر، حسب الكثير من المنتقدين، ليس فقط سطحية الخطاب، بل تحويل قضايا المجتمع الكبرى إلى مواضيع للضحك  وإفراغ الشارع من جدّيته السياسية. فبدل الدفاع عن الحقوق الاقتصادية، العنف ضد النساء، أو التمييز المجتمعي الحقيقي، يتم اختزال المطالب في  تقسيم الطياب والغسيل، في وقت ترتفع فيه الأسعار، ويستفحل البطالة، وتضيق الآفاق أمام الأسر المغربية.

 

الوقفات لا تقاس بالكاميرات بل بالعقول

خلاصة الرأي العام المنتقد يمكن تلخيصها في فكرة بسيطة، ليس كل من هتف في الشارع ناضل، وليس كل من رفع شعارا أحدث فرقا

وقفة الأمس لم تحرك الضمائر، بل حركت الضحك والشك ، ما يحتاجه المجتمع اليوم ليس رجالا يرتدون الطابليات في الساحات العامة بدافع الاستعراض أو ركوب موجة الحداثة المزيفة ، بل رجالا يتحملون مسؤولياتهم داخل المؤسسات، يدافعون عن قضايا المجتمع بوعي، ويقدمون نماذج جادة في المواقف لا في المظاهر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى