موسم الحج على الأبواب..أي رقابة على وكالات الأسفار ؟

بشرى عطوشي
مع اقتراب موسم الحج، تتجه أنظار آلاف المغاربة نحو أداء شعيرة عظيمة ينتظرها المؤمن سنين طويلة، في رحلة روحانية يفترض أن تكون مفعمة بالسكينة والتيسير، غير أن الواقع يكشف، للأسف، عن ممارسات مقلقة تتكرر كل عام، وتتمثل في الإهمال وسوء التنظيم من طرف بعض وكالات الأسفار، ما يحوّل حلم الحج إلى معاناة حقيقية لكثير من المواطنين.
في السنوات الأخيرة، سُجلت تجاوزات مؤلمة تضررت منها أسر مغربية بأكملها. حجاج يبيتون في أماكن غير لائقة، أو يُنقلون بعشوائية، أو يُتركون دون مرشدين ولا دعم، بل ضاعت آثار بعضهم في ظروف غامضة دون تحمل أي جهة للمسؤولية.
انزلاقات لا تُسيء فقط لسمعة تنظيم الحج، بل تمس كرامة الحاج المغربي الذي غالباً ما يكون مسنّاً أو ذا وضعية اجتماعية محدودة، وقد سلّم مدخرات عمره لجهة وعدته بخدمات لا تتحقق منها إلا الوعود.
غياب الرقابة الصارمة وتراخي بعض المؤسسات في تتبع عمل الوكالات يفتح الباب أمام الطمع والاحتيال. بعض هذه الشركات تستغل بساطة الحجاج وتقدم عروضاً مغرية في ظاهرها، لكنها تخفي وراءها خدمات هزيلة وارتجالاً خطيراً. في المقابل، تغيب آليات فعالة للمحاسبة أو تقييم الأداء، مما يشجع منتهكي الثقة على الاستمرار دون رادع.
في هذا الشأن بات يفترض أن تضع الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها وزارة السياحة ووزارة الأوقاف، حدا لكل الخروقات التي من شأنها الحط من كرامة الحاج الذي ظل ينتظر هذه الرحلة الروحية لسنوات طوال.
من الأهمية بما كان أن يتم وضع لوائح شفافة تحدد الوكالات المسموح لها بتنظيم الحج بناءً على سجلها وانضباطها، مع إمكانية سحب الترخيص من أي جهة يثبت تورطها في تقصير أو تلاعب.
ومن أجل التبليغ عن الخروقات التي تواجه الحاج، يفترض إنشاء آليات للتبليغ عن المخالفات، سواء عبر خط وطني مفتوح أو منصة إلكترونية، وتمكين الحجاج من التواصل مع السلطات المختصة عند الحاجة.
كما يفترض أيضا أن يلعب الإعلام دوره، من خلال تسليط الضوء على الاختلالات ومرافقة الحجاج بتقارير استقصائية تفضح التجاوزات وتدفع نحو الإصلاح.
حماية الحاج المغربي ليست ترفاً ولا مسألة تنظيمية عابرة، بل هي مسؤولية دينية وأخلاقية ووطنية، يجب أن تبقى الرحلة إلى البيت الحرام تجربة آمنة وكريمة، تحفظ كرامة الإنسان وتجنبه الوقوع ضحية الاستغلال أو الإهمال، لا سيما في ظرف ديني وروحي يتطلب الطمأنينة والثقة.