ميداوي يقر بواقع صادم في التعليم العالي: 40% من الطلبة يتغيبون عن الامتحانات

نجوى القاسمي
كشف عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عن صورة قاتمة للوضع داخل الجامعة المغربية، مشيرا إلى مجموعة من الاختلالات البنيوية والبيداغوجية التي تعيق تطور القطاع. ومن أبرز ما جاء في كلمته، عدم صرف عدد من الجامعات للميزانيات المخصصة لها، والغياب التام لنظام معلوماتي وطني، إلى جانب هياكل تنظيمية متجاوزة، ومعدلات اكتظاظ واختلالات في التأطير لا تُواكب المعايير الدولية.
وخلال جوابه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، شدد ميداوي على أن الإصلاح الجامعي يتطلب واقعية واعترافاً صريحا بالإكراهات، داعيا إلى نهج حلول عملية وشاملة تتجاوز التدابير الترقيعية.
جامعات ضخمة واكتظاظ خانق
وأوضح الوزير أن المغرب يتوفر على جامعات كبيرة من حيث العدد لكنها مشتتة جغرافيا، حيث تضم كل واحدة منها بين 80 ألفا و160 ألف طالب، بمعدل وطني يصل إلى 95 ألف طالب لكل جامعة. هذا الوضع أدى إلى ضعف التأطير البيداغوجي والإداري، إذ يبلغ المعدل أستاذا واحدا لكل 250 طالبا، وموظفا إداريا واحدا لكل 300 طالب، في مقابل المعدل العالمي الذي يتراوح بين 10 و15 طالبا لكل أستاذ.
وانتقد ميداوي استمرار العمل بـهياكل تنظيمية ومجالس تمثيلية فقدت فعاليتها، مشيرا إلى أن بعض المجالس الإدارية تستغرق 24 ساعة في اجتماعاتها لاتخاذ قرارات لا تتطلب أكثر من ساعتين، وهو ما يعكس ضعفا في النجاعة والتسيير. كما أشار إلى غياب العدالة المجالية، حيث توجد جهات بدون جامعات، في ظل قيادة محدودة التأثير.
غياب نظام معلوماتي شامل
واعتبر الوزير أن غياب نظام معلوماتي موحد يمثل أحد أخطر جوانب الأزمة، قائلا: نحن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ولا نتوفر على نظام معلوماتي؟ هذا أمر يحز في القلب.”، مشددا على أن غياب هذا النظام يؤدي إلى عدم ضبط أعداد الطلبة الحقيقيين، ويُعيق اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على معطيات دقيقة.
وفي الجانب المالي، أقر ميداوي بأن الموارد المالية المخصصة للجامعات ضعيفة مقارنة بالمعدلات العالمية، لكنه في المقابل انتقد بعض الجامعات التي لا تصرف الميزانيات المرصودة لها، مؤكدا أن السبب لا يعود إلى صعوبة المساطر، بل إلى إشكالات هيكلية وتنظيمية داخل هذه المؤسسات.
وأشار إلى وجود جامعة لم يصرف لها الدعم لأن ميزانيتها السابقة لم تستعمل، رغم أن الدولة تتحمل ديونا وتؤدي نسبا عليها. كما كشف أن بعض الجامعات مدينة للدولة بأكثر من 40 مليار درهم، وهو رقم اعتبره الوزير دليلاً على سوء التدبير المالي.
مردودية متدنية وهدر جامعي مقلق
وعلى الصعيد البيداغوجي، وصف الوزير مردودية الجامعات بـالضعيفة داخليا وخارجيا، موضحا أن نسب التخرج والنجاح متدنية، بينما بلغت نسبة الغياب عن امتحانات الدورة الأولى حوالي 40%، حيث يُقدم بعض الطلبة على التسجيل فقط بغرض الاستفادة من المنحة الجامعية لمدة سنتين، دون نية حقيقية في متابعة الدراسة. وشدد على أن نظاما معلوماتيا فعالا سيمكن من تتبع مثل هذه الحالات والحد منها.