نازهي ينتقد السياسات السكنية: الدعم المباشر ترقيع لا يعالج جذور الأزمة

نجوى القاسمي
وجّه لحسن نازهي، منسق الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، انتقادات لاذعة للسياسات العمومية في مجال السكن، مؤكدا وجود اختلالات بنيوية، واستمرار الإقصاء الاجتماعي، مع غياب الاستجابة الحقيقية لمتطلبات المواطنين في مختلف جهات المملكة.
وفي معرض حديثه، وصف نازهي المعطيات الرسمية بـ”المقلقة”، مشيرا إلى أن العجز السكني لا يزال يتجاوز 300 ألف وحدة سكنية، رغم إطلاق العديد من البرامج كـمدن بدون صفيح” والسكن الاجتماعي بتمويل 250 ألف درهم، مشددًا على أن “الواقع يفضح محدودية أثر هذه السياسات”.
وذهب نازهي أبعد من ذلك، حين كشف أن 60% فقط من الأسر الفقيرة استفادت فعليًا من السكن الاجتماعي، في حين ذهبت النسبة المتبقية لفائدة مضاربين عقاريين، وهو ما يقوّض الهدف الاجتماعي المعلن لهذه البرامج.
كما نبه المتحدث إلى أن أحياء في مدن كبرى مثل الدار البيضاء، مراكش، سلا، الجديدة، وسيدي بنور، تعاني من نقص حاد في التجهيزات الأساسية، وتعيش حالة تمدد عمراني فوضوي نحو الهوامش، متسائلًا عن دور وثائق التعمير التي – بحسبه – يتم إعدادها بـ”نية غير شفافة”، تُخدم من خلالها مصالح فئات عقارية نافذة.
ولفت نازهي إلى تحول المساحات الخضراء، التي يتم الإعلان عنها في التصاميم الأصلية، إلى محلات تجارية فاخرة بعد سنوات قليلة، في انتهاك صارخ لروح التخطيط الحضري، وغياب لأي مساءلة أو رادع قانوني.
أما على المستوى الجهوي، فقد أشار المنسق النقابي إلى الغياب التام للعدالة المجالية في توزيع المشاريع السكنية، موضحا أن مدنا مثل فاس، مراكش، وسيدي بنور، تعيش وضعا مأساويا بسبب انعدام السكن المخصص للفئات الفقيرة، ما يدفع المواطنين إلى خيار البناء العشوائي كحل اضطراري.
وفي تقييمه لبرنامج مدن بدون صفيح، شدد نازهي على أن نقل الأسر إلى مناطق نائية لا تتوفر على الحد الأدنى من البنية التحتية (مؤسسات تعليمية، صحية، وسائل نقل، وفرص شغل)، حول هذا المشروع من “نعمة منتظرة” إلى “نقمة واقعية”.
وفي رده على هذه الانتقادات، قال كاتب الدولة المكلف بالقطاع إن الحكومة بصدد إعادة إصلاح شامل للبرامج السكنية السابقة، مع التأكيد على وقف جميع البرامج الحالية لصالح آلية الدعم المباشر، التي ستمكن المواطن من امتلاك سكن حسب قدراته المالية مع دعم من الدولة.
لكن هذا الطرح لم يلق قبولا من نازهي، الذي وصفه بأنه “حل ترقيعي”، لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع المادي الصعب لشرائح واسعة من المواطنين، متسائلا: كيف يمكن لمواطن يعاني الهشاشة أن يكمل ما تبقى من تكلفة السكن