بين النزاهة والرقمنة.. الاتحاد الاشتراكي يقدم تصوره لمعالم انتخابات 2026

حسين العياشي
قدم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، صباح اليوم الثلاثاء بمقره المركزي بالرباط، مذكرته الرسمية حول إصلاح الإطار العام للانتخابات التشريعية المقررة سنة 2026، خلال ندوة صحفية ترأسها الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر.
المذكرة، التي تتوزع على 15 محورًا رئيسيًا، تضمنت جملة من المقترحات التي وصفها الحزب بأنها تهدف إلى تخليق العملية الانتخابية في مختلف مراحلها، بدءًا من التسجيل في اللوائح وتقديم الترشيحات، مرورًا بالحملات الانتخابية، وصولًا إلى يوم الاقتراع. ووفق ما أكد لشكر، فإن الهدف الأسمى من هذه الرؤية هو “تحفيز المشاركة الشعبية، وبناء جسور الثقة بين المواطنين والمؤسسات، بما يضمن نزاهة العملية الانتخابية والرفع من جودة النخب المرشحة، وبالتالي تحسين الأداء البرلماني”.
أحد أبرز النقاط التي شدد عليها الاتحاد الاشتراكي يتعلق باستخدام الموظفين المأجورين خلال الحملات الانتخابية، وهي ممارسة اعتبر الحزب أنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى وسيلة غير مباشرة لشراء الأصوات، بما أضر بمبدأ الشفافية والمنافسة الشريفة. وفي هذا السياق، طالب الحزب بسن إطار قانوني واضح يحدد سقفًا لعدد هؤلاء الموظفين، على ألا تتجاوز ميزانية تشغيلهم ثلث الغلاف المالي المخصص للحملة الانتخابية.
الحزب خصّص تسع مقترحات للائحة الانتخابية العامة، أبرزها اعتماد قاعدة بيانات بطاقة التعريف الوطنية كأساس للتسجيل مع تخصيص رقم انتخابي قار ودائم لكل ناخب. كما أوصى بـ التسجيل التلقائي للشباب عند بلوغهم السن القانوني، وفتح الباب أمام إدراج لوائح خاصة بمغاربة العالم. ولم تغفل المذكرة أهمية تنقية اللوائح سنويًا من الشوائب كحالات الوفاة والتكرار، مع منح الأحزاب حق تتبع العملية عبر الحصول على نسخ محيّنة من اللوائح.
الوردة رفعت كذلك شعار المزيد من الانفتاح على الفئات المهمشة سياسيًا، إذ أوصت بزيادة المقاعد المخصصة للنساء، وتشجيع ترشيحات الشباب ابتداءً من 18 سنة، مع تخصيص دوائر خاصة لهذه الفئات. كما اقترح الحزب رفع الدعم العمومي الموجه لهذه الترشيحات، ليشمل أيضًا مغاربة العالم والأشخاص في وضعية إعاقة، معتبرًا أن أي إصلاح انتخابي جدي لا بد أن يمر عبر تعزيز المشاركة الواسعة والمتوازنة.
وفي انسجام مع التحولات الرقمية العالمية، أكدت المذكرة على ضرورة تسخير الرقمنة والذكاء الاصطناعي في تدبير مختلف مراحل العملية الانتخابية، من التسجيل والتواصل، إلى المراقبة والفرز، بما يعزز الشفافية ويقلل من هامش الخطأ أو التلاعب.
الحزب دعا أيضًا إلى إعادة تفعيل اللجنة الوطنية للانتخابات واللجان الجهوية والإقليمية عبر تحيين النصوص القانونية المؤطرة لها، مع إشراك فعلي للسلطة القضائية والأحزاب السياسية في تركيبتها، بما يضمن رقابة مشتركة وفاعلة على نزاهة المسار الانتخابي.
ومن بين ما تضمنته المذكرة أيضًا، دعوة الحزب إلى وضع قاعدة قانونية تحدد مسبقًا عدد مكاتب التصويت داخل كل مركز انتخابي، تفاديًا لـ”التشتت المفرط الذي يُربك سير العملية ويعقد مهمة تعيين رؤساء المكاتب وممثلي المرشحين”، على حد تعبير الحزب. كما اقترح إلغاء إمكانية تعيين موظفي الجماعات الترابية كرؤساء لمكاتب التصويت داخل نطاق عملهم، مع الاقتصار على أطر الوظيفة العمومية والمتقاعدين.
بهذه المذكرة، يسعى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى تقديم نفسه كقوة إصلاحية تدافع عن نزاهة الانتخابات وجودة المؤسسات، واضعًا على الطاولة مقترحات عملية تمس صميم الإشكالات التي لطالما أثارت الجدل في كل محطة انتخابية. لكن يبقى السؤال: هل ستلتقط باقي القوى السياسية إشارات الحزب وتدخل في نقاش جدي حول الإصلاح، أم أن المقترحات ستظل حبيسة الندوات والمذكرات؟