نزار بركة يبيع تاريخ حزب الاستقلال بكيلُو دقيق وقنينة زيت

إعلام تيفي _ الرباط
حزب الاستقلال، الذي طالما تباهى بإرثه الوطني ورفَع شعار العدالة الاجتماعية، يسقط اليوم في وحل الإحسان الانتخابي، محوّلا السياسة إلى تجارة بؤس وقفة مذلة.
نزار بركة، على خطى عزيز أخنوش، يستنسخ أساليب الاستغلال الاجتماعي، مستبدلا البرامج التنموية بالمساعدات المشروطة، في حملة انتخابية مقنعة تفضح زيف الشعارات وتكشف سقوط الحزب في مستنقع الشعبوية.
فبعدما كان حزب الاستقلال رمزا للنضال السياسي، يتحول اليوم إلى مجرد ماكينة انتخابية تستغل فقر المغاربة، فارغة من أي مشروع حقيقي، مكتفية بتوزيع القفف بدل تقديم حلول جذرية تضمن الكرامة والعدالة الاجتماعية.
وعندما فضحت وسائل الإعلام والمجتمع المدني استغلال مؤسسة “جود”، الذراع الإحساني لـ”حزب أخنوش”، لوسائل عمومية في توزيع المساعدات الرمضانية تحت غطاء التضامن، تعالت الأصوات منددةً بهذا الاستغلال السافر للموارد العامة في حملة انتخابية مقنعة.
واليوم، يُعيد حزب الاستقلال إنتاج هذا النموذج، حيث يوزع القفف الرمضانية تحت شعار “2025 سنة التطوع”، في محاولة بائسة لتجميل فعل انتهازي لا يختلف عن تكتيكات “جود”، بل يؤكد أن الحزب لم يعد يملك سوى تكرار أخطاء حلفائه وخصومه والانخراط في السباق نحو استغلال معاناة المواطنين.
إن ما يقوم به نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، ليس سوى تماهٍ مفضوح مع نهج عزيز أخنوش، الذي جعل من “الإحسان الحزبي” أداة لاستمالة الناخبين، في تواطؤ مع سياسات حكومية فاشلة تُمعن في إفقار المواطنين وحرمانهم من أبسط حقوقهم، ثم تأتيهم بـ”صدقات انتخابية” لتمن عليهم بلقمة العيش، في مسرحية مكشوفة لا تنطلي إلا على السذج.
هذا السلوك السياسي يترجم فشلا في تقديم بدائل حقيقية، وتحولا نحو خطاب انتخابي مغلف بثوب “العمل الخيري”، بينما هو في الواقع مجرد دعاية انتخابية مدفوعة بالاستغلال الفج للفقر.
الخطورة لا تكمن فقط في توزيع المساعدات، بل في توظيف حاجات الناس في استراتيجيات سياسية غير أخلاقية، تُستغل فيها مظاهر الفقر لتلميع صورة حزب والاستعداد لمعارك انتخابية قادمة، حيث أن حزب الاستقلال، الذي لطالما تباهى بإرثه الوطني، يكشف اليوم عن وجهه الحقيقي كفاعل انتخابي لا يختلف عن خصومه، يستخدم القفة بدل البرامج الاقتصادية والاجتماعية، ويجعل من الفقر رصيدا انتخابيا يُستثمر فيه بدل أن يكون قضية تُحل بقرارات سياسية جريئة.
لقد سقط القناع، ولم يعد بين المغاربة وبين الحقيقة إلا الوقائع التي تؤكد أن بعض الأحزاب فقدت مشروعيتها السياسية، وتحولت إلى “جمعيات خيرية انتخابوية”، تستثمر في هشاشة المواطنين بدل أن تقدم لهم حلولا تنموية حقيقية.
لم يعُد حزب الاستقلال، بانتهاجه لهذا الأسلوب، سوى نسخة أخرى من حزب التجمع الوطني للأحرار، يتنافس معه في سباق الابتذال السياسي، ويتخلى عن كل ما تبقى من قيم العمل الحزبي الجاد.
المغاربة اليوم ليسوا بحاجة إلى “قفة انتخابية”، بل إلى سياسات ترفعهم من مستنقع الحاجة، إلى برامج تضمن لهم الكرامة، إلى أحزاب تحمل مشاريع تنموية بدل أكياس الدقيق والسكر والزيت.
الطريق الذي اختاره نزار بركة، في اقتفاء أثر عزيز أخنوش، لن يقوده إلا إلى النهاية ذاتها.. سقوط مدوٍّ في وحل الانتهازية السياسية، وانهيار ما تبقى من مصداقية حزب كان يومًا ما رمزًا للوطنية والاستقلال، لكنه اليوم يتجرد من دوره السياسي ويتحول إلى مجرد وسيط انتخابي، يوظف الفقر كورقة للمساومة الانتخابيّة، ولا يرى في المواطنين المغاربة سوى أصوات تُشترى بصدقات انتخابية لا تسمن ولا تغني من جوع.