نفايات إلكترونية بمليار درهم.. كنز مهدور يهدد صحة المغاربة

إعلام تيفي
أنتج المغرب سنة 2022 ما يناهز 177 ألف طن من نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، مقابل 127 ألف طن في عام 2015، غير أن ما يتم تدويره لا يتعدى 13% فقط، في وقت تتجاوز فيه هذه النسبة 70% بدول الاتحاد الأوروبي.
هذا الواقع يعكس ضعف البنية التحتية المحلية لتثمين هذه النفايات، رغم ما تحتويه من موارد اقتصادية ثمينة.
بحسب رأي حديث صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحت عنوان: “نحو اقتصاد دائري للأجهزة الكهربائية والإلكترونية: من نفايات إلى موارد”، فإن هذه النفايات تُشكل “منجماً حضرياً” غنياً بالمعادن النفيسة، لكن غياب منظومة ناجعة للتدبير حوّلها إلى مصدر “سموم” بيئية.
فالمجلس يقدر القيمة السوقية للمعادن القابلة للاستخلاص من هذه النفايات بـ1.2 مليار درهم، تشمل 630 مليون درهم من الذهب، 403.5 مليون درهم من النحاس، 31.5 مليون درهم من الفضة، و63 مليون درهم من البلاديوم.
وكشف المجلس أن الأسر تمثل المصدر الرئيسي لهذه النفايات بنسبة 74%، ما يجعل عملية الجمع والفرز أكثر تعقيداً، خصوصاً في ظل غياب التوعية المجتمعية بضرورة تصنيف هذه النفايات وإعادة توجيهها نحو قنوات التدوير. وتُعتبر البطاقات الإلكترونية من أغنى المكونات من حيث المعادن، رغم أنها لا تمثل سوى 7% من إجمالي هذه النفايات.
ومن النقاط المقلقة التي أثارها المجلس، تصدير حوالي 5.1 مليون كلغ سنويًا من هذه النفايات إلى الخارج، 64% منها عبر قنوات غير رسمية. هذا الوضع يُفقد المغرب فرصة الاستفادة الاقتصادية من هذه الموارد، ويُفاقم من التحديات البيئية المرتبطة بالتخلص العشوائي من النفايات.
المجلس حذر من تفشي ممارسات حرق النفايات الإلكترونية في المطارح العشوائية، خاصة في إفريقيا، حيث تُستورد كميات ضخمة منها من أوروبا بشكل غير قانوني. هذه العمليات تؤدي إلى انبعاث مواد سامة مثل الديوكسينات والمعادن الثقيلة، ما يُشكل تهديداً مباشراً لصحة السكان والعاملين في هذا القطاع غير المهيكل. وذكر المجلس مثال مطرح “أغبلوغبي” في العاصمة الغانية أكرا، الذي يستقبل حوالي 20 ألف طن من نفايات أوروبا الإلكترونية سنوياً، ويُعد من بين أكثر المناطق تلوثاً في العالم.
وفي سياق الحلول، شدد المجلس على ضرورة إرساء سلسلة قيمة وطنية مسؤولة ومستدامة لتدبير هذه النفايات، باعتبارها ركيزة في الانتقال نحو اقتصاد دائري. وأوصى بمراجعة التصنيف القانوني الذي يدرجها ضمن “النفايات الخطرة”، ما يعيق تثمينها، إلى جانب توسيع الإطار القانوني ليشمل نفايات الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية والهجينة.
ودعا المجلس إلى إعداد مصنف وطني موحد لمكونات هذه النفايات، ووضع جرد شامل للمعادن الاستراتيجية القابلة لإعادة الاستخدام، وتحفيز الاستثمار عبر آليات مالية وجبائية موجهة للمُصنّعين والموزعين والمبتكرين. كما شدد على تهيئة مطارح خاصة بمعايير بيئية وصحية صارمة، وإدماج القطاع غير المنظم من خلال تشجيع العاملين فيه على الانخراط في تعاونيات.
ومن بين التوصيات أيضًا، اعتماد وسم إلزامي على الأجهزة الكهربائية والإلكترونية يتضمن عبارة: “لا يُرمى في القمامة”، مع بيانات واضحة حول كيفية الإصلاح والصيانة والمكونات السامة، بالإضافة إلى ضرورة بناء شراكات إقليمية وإفريقية تهدف إلى توحيد الجهود وتطوير سلاسل قيمة مندمجة على المستوى القاري.