هل يحقق السجل الاجتماعي الموحد العدالة الاجتماعية أم يعيد إنتاج الإقصاء؟

نجوى القاسمي : صحافية متدربة

رغم الآمال المعقودة على النظام الجديد للسجل الاجتماعي الموحد، إلا أن تأخر تنزيله أثر على جدولة تنفيذ مشاريع الحماية الاجتماعية، التي كان من المقرر تفعيلها بين عامي 2021 و2025، إلا أن السجل لم يبدأ العمل به فعليا إلا في بداية 2023.

هذا التأخر انعكس سلبا على نزاهة حصر المستفيدين، كما حدث مع برنامج التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (AMO)، حيث تم إدماج مستفيدي “راميد” تلقائيا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نهاية 2022، قبل تعميم السجل الاجتماعي الموحد، مما أدى إلى استبعاد بعض الفئات لاحقًا عند التقييم الجديد لمؤشرهم الاجتماعي.

هذا الارتباك في الانتقال إلى النظام الجديد أثار موجة من التشكيك وعدم الرضا لدى المواطنين، حيث شعر العديد منهم بعدم الشفافية والإنصاف في تحديد الفئات المستحقة، مما أدى إلى فقدان الثقة في الإصلاحات الاجتماعية. ومع استمرار الحكومة في تنفيذ أجندة تعميم الحماية الاجتماعية، يبقى نجاح السجل الاجتماعي الموحد مرهونًا بقدرته على ضمان عدالة توزيع الدعم، وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطنين.

التقرير الذي نشره المعهد المغربي لتحليل السياسات، بعنوان “هل تحول السجل الاجتماعي الموحد إلى آلية لإرساء دولة الحد الأدنى، أبرز أن الحكومة استجابت لهذه التحديات عبر إصدار القانون رقم 72.18 سنة 2020، الذي أسس لنظام السجل الاجتماعي الموحد تحت إشراف الوكالة الوطنية للسجلات، بهدف تحسين استهداف الفئات المستحقة عبر تسجيل الأفراد في السجل الوطني للسكان ومنحهم معرفًا رقميًا، مما يسمح بتصنيف الأسر بناءً على مؤشرات رقمية دقيقة تحدد مدى أهليتهم للاستفادة من البرامج الاجتماعية.

ورغم أهمية هذه الخطوة، يوضح التقرير أن تأخر تنفيذ السجل الاجتماعي الموحد أدى إلى فجوات تنظيمية، خاصة فيما يتعلق ببرنامج التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (AMO)، حيث أدى الانتقال السريع لمستفيدي “راميد” إلى النظام الجديد قبل استكمال عملية التقييم الاجتماعي إلى استبعاد فئات معينة، مما أثار جدلًا واسعًا حول مدى دقة آليات التقييم الاجتماعي ومدى شفافية العملية.

خلص تقرير المعهد المغربي لتحليل السياسات إلى أن نجاح تعميم الحماية الاجتماعية مرهون بمدى قدرة السجل الاجتماعي الموحد على تحقيق العدالة في توزيع الدعم، وتعزيز الشفافية في تصنيف المستفيدين. ورغم أن السجل يمثل خطوة ضرورية في مسار تحسين حكامة الدعم الاجتماعي، فإن التحدي الأساسي يتمثل في ضمان نزاهة معايير الاستحقاق، والقدرة على تصحيح الاختلالات التي رافقت مراحل التنزيل الأولى، بما يضمن استعادة ثقة المواطنين في الإصلاحات الاجتماعية المستقبلية.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى