وهبي: مدونة الأسرة الجديدة تفرض قيودا صارمة على زواج القاصرات

 

نجوى القاسمي: صحافية متدربة

أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن الفئات الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية، تعد الأكثر إقبالا على تزويج القاصرات، وهو ما يُعزى، حسب الوزير، إلى عدة عوامل أبرزها تأثير الأعراف والتقاليد، بالإضافة إلى التأويلات الخاطئة للنصوص الدينية. وأوضح وهبي أن هذه الأسباب مجتمعة تساهم في تفشي ظاهرة الزواج المبكر، وهو ما يؤدي إلى نتائج سلبية على الفتيات، سواء من حيث إقصائهن من التعليم والتكوين، أو تعرضهن لمخاطر صحية ونفسية، فضلا عن التأثير السلبي على أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية.

تصريحات وزير العدل جاءت في إطار جواب كتابي على سؤال وجهه النائب البرلماني محمد بادو عن فريق التجمع الوطني للأحرار، حيث استعرض وهبي الإطار القانوني الذي ينظم زواج القاصرات في المغرب، موضحا أن مدونة الأسرة تمنح قاضي الأسرة المكلف بالزواج صلاحية الترخيص لهذا الزواج بشكل استثنائي، لكن بشرط التأكد من وجود مصلحة واضحة للقاصر، مع الالتزام بشروط صارمة.

وبحسب وزير العدل، فإن الحصول على هذا الإذن القضائي مشروط بتقديم تعليل دقيق يبرز الأسباب والمصلحة، مع الاستماع لأبوي القاصر أو ولي أمرها، والاستعانة بخبرة طبية أو بحث اجتماعي عند الحاجة. وأضاف وهبي أن المحاكم المغربية ترفض غالبية الطلبات المقدمة إذا ثبت أن الزواج سيُلحق ضررا بالقاصر أو يفتقر لأي مصلحة جدية.

وأشار الوزير إلى أن وزارة العدل تولي اهتماما خاصا لهذا الملف منذ اعتماد مدونة الأسرة سنة 2004، حيث تتابع تطور الظاهرة بشكل مستمر. ولفت إلى أن الجهود المبذولة من قبل مختلف القطاعات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ساهمت في تقليص أعداد زواج القاصرات خلال السنوات الأخيرة. واستشهد وهبي بأرقام حديثة تُظهر انخفاض عدد الزيجات التي تخص القاصرات إلى 12,450 حالة خلال سنة 2023، بعدما كان هذا الرقم يتجاوز 26,000 حالة سنة 2017.

ورغم هذا التراجع، يظل زواج القاصرات أكثر انتشارا في العالم القروي مقارنة بالمجال الحضري، مما يعكس استمرار تأثير العوامل الثقافية والاجتماعية في الأوساط الريفية.

وبخصوص مراجعة مدونة الأسرة، أوضح وهبي أن الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة، إلى جانب المجلس العلمي الأعلى، اقترحا تحديد سن الزواج في 18 سنة، مع السماح بإمكانية استثنائية لزواج القاصرات في سن 17 سنة، وفق شروط دقيقة وصارمة.

وختم وهبي بالتأكيد على أهمية انخراط جميع الفاعلين، سواء القطاعات الحكومية أو الأحزاب السياسية أو جمعيات المجتمع المدني، في حملة توعوية شاملة لحماية حقوق الطفولة والارتقاء بوضعية الفتيات بالمغرب.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى