أبوزيد: فضيحة وزارة الصحة تكشف عن أزمة المؤسسات المغربية الأخلاقية

حسين العياشي

سلطت حسناء أبوزيد، القيادية في حزب الاتحاد الاشتراكي، الضوء على حدثين بارزين يسلطان الضوء على الأزمة الأخلاقية والمؤسساتية التي يمر بها المغرب، وهما: فضيحة صفقة دواء وزارة الصحة، وواقعة جلسات الصحافي حميد المهداوي أمام لجنة الأخلاقيات. اعتبرت أبوزيد أن هذين الحدثين هما تجسيد واضح لعمق هذه الأزمة، مشيرة إلى التواطؤ بين المصالح السياسية والفردية في تحريف العدالة والقانون.

انطلقت أبوزيد من منطلق ما أسمته “كرم القدر القاسي” الذي جمع بين هذين الحدثين المأساويين في أسبوعين متتاليين، مؤكدة على ما يعبّران عنه من هشاشة الدولة المؤسساتية وتراجع أسس المحاسبة. ففي بداية التحليل، توقفت عند تفاصيل المعطيات التي نشرها النائب البرلماني عبد الله يوانو، والتي تكشف عن استفادة شركة يملكها زميل وزير الصحة من صفقة ضخمة لتوريد مادة كلوريد البوتاسيوم. لم ينف الوزير هذه المعطيات، بل كانت الأرقام التي أظهرتها تعاقدات الشركة تؤكد على الزيادة الملحوظة في حجم أعمالها بعد تولي الوزير هذا المنصب، ما يفتح الباب للتساؤل حول وجود علاقات مشبوهة وتضارب مصالح في هذه الصفقة.

انتقلت أبوزيد بعدها إلى الواقعة الثانية، والتي تمثلت في نشر الصحافي حميد المهداوي لتسجيلات توثق جلسات مثوله أمام لجنة الأخلاقيات التابعة للمؤسسة المعنية بتنظيم مهنة الصحافة. اعتبرت أبوزيد أن هذه التسريبات تكشف عن تدهور مستوى المعايير الأخلاقية في تعامل اللجنة مع القضايا الصحافية، مشيرة إلى غياب الاستقلالية والشفافية في الإجراءات المتبعة، مما يعكس اختلالًا كبيرًا في فهم وتطبيق القوانين المعنية بحماية أخلاقيات المهنة.

ربطت أبوزيد بين هذين الحدثين لتستعرض الصورة الأعمق التي تكشف عنها هذه الوقائع، معتبرة أن ما يجري ليس مجرد فساد فردي أو أخطاء عابرة، بل هو جزء من أزمة هيكلية أوسع تعيشها البلاد. وأكدت أن ما يهدد المغرب اليوم هو تعطيل مبدأ المحاسبة، وتحويله إلى أداة سياسية تُستخدم لخدمة مصالح النخب الحاكمة، التي تستفيد من الديمقراطية الشكلية التي تكرس هذه المصالح على حساب المصلحة العامة.

قدمت أبوزيد أمثلة عديدة تدعم تشخيصها للأزمة، مثل تسهيل وزير الصحة استفادة شركته الخاصة من صفقات مشبوهة، بالإضافة إلى صفقات أخرى ذات صلة بالتجاوزات الضريبية وشراء مصحات خاصة، التي تمررها السلطة السياسية عبر قنوات غير قانونية. كما أشارت إلى العديد من القضايا التي تتعلق بتجاوزات في مجال الأراضي السكنية والزراعية، والتي تُختَطف من قبل السياسيين وتُسَيَّس لمصلحة فئات بعينها.

وفيما يخص أداء لجنة الأخلاقيات، لم تخفِ أبوزيد انتقادها الحاد لطريقة تعامل اللجنة مع القضايا التي تتعلق بالصحافيين. وأوضحت أن الجلسات التي تم تسريبها كانت أشبه بمحاكمة سياسية مسبقة، لا علاقة لها بتطبيق القانون بقدر ما كانت محاولة لتوجيه القضاء نحو حكم غير عادل. وقد أثارت تساؤلات حول سبب تسريب هذه التسجيلات، ومدى علم الصحافي المهداوي بذلك، مما يضيف مزيدًا من الغموض حول الموضوع.

في ختام مقالها، عبّرت أبوزيد عن قلقها العميق من مصير المؤسسات المغربية، مشيرة إلى أن هذه الحوادث تبرز ثلاث صور للقضاء في المغرب اليوم: القاضي الذي يعلم الحقيقة لكنه يقضي بخلافها، القاضي الذي يجهل الحقيقة فيظلم الناس، وأخيرًا القاضي الذي يطبق العدالة بكل نزاهة. وتساءلت عن مدى قدرة “الحق” على الصمود في هذا السياق، وهل ما يزال بإمكان المواطن المغربي أن يثق في نزاهة القانون في ظل هيمنة المصالح السياسية على حساب العدالة والشفافية.

ختامًا، قدمت أبوزيد تأملاتها حول الوضع الراهن في المغرب، محذرة من أن “الحق” أصبح أكثر من أي وقت مضى عرضة للتزوير والظلم، وأن تزايد حالة الفصل بين السلطة والقيم الوطنية يهدد بتفاقم الأزمة الأخلاقية والمؤسساتية في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى