أخنوش مجددًا.. تحقيقات اسبانية تكشف عن تضارب مصالح وفساد في صفقة تحلية مياه

حسين العياشي

يواجه عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، اتهامات تتعلق بتورط محتمل في تسهيل فوز شركة “Acciona” الإسبانية بعقد بناء محطة تحلية المياه في الدار البيضاء، بتحالف مع شركتي Afriquia Gaz وGreen of Africa (التابعة لأخنوش وعثمان بنجلون). تشير التقارير إلى أن سانتوس سيردان، الرجل الثالث السابق في الحزب الاشتراكي الإسباني، لعب دوراً مهماً في هذه القضية، حيث قام بالتأثير على عملية منح العقد لصالح “أسيونا” عبر وسطاء وشركات في الواجهة. وتشير الوثائق الأمنية الإسبانية إلى أن سيردان كان يتلقى عمولة تصل إلى “2% من قيمة العقود” التي تحصل عليها شركات مثل “أسيونا”، وهو ما يثير شكوكاً قوية حول نزاهة العملية.

تحقق وحدة العمليات المركزية التابعة للحرس المدني الإسباني في مزاعم فساد تشمل سيردان وشركة “سيرفينابار” التي يشتبه في أنها كانت تستخدم كواجهة لدعم مصالح “أسيونا”. وقد تسلط التحقيقات الضوء على دور سيردان في إقناع المسؤولين في المغرب بمنح العقود للشركة الإسبانية دون منافسة حقيقية، مما يعزز الشكوك حول وجود تأثير سياسي على قرارات التعاقد. هذه القضية تأتي في وقت حساس، حيث يتولى أخنوش رئاسة مجلس إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE)، الجهة المسؤولة عن إطلاق المناقصة للمشروع.

في نوفمبر 2023، تم منح عقد إنشاء محطة تحلية المياه في الدار البيضاء، الذي تقدر قيمته بنحو 887 مليون يورو، لشركة “أسيونا” الإسبانية. وعبرت بعض الشركات المنافسة عن مخاوفها من أن دخول مجموعة مرتبطة بأخنوش كان بمثابة إشارة على أن العقد سيتوجه نحو “أسيونا” منذ البداية، ما جعل العديد منها تتراجع عن تقديم عروض. وتدعم هذه الشكوك المعلومات التي أفادت بأن “أسيونا” كانت تملك ضمانات بشأن الدعم المالي من الحكومة الإسبانية، بما في ذلك قروض ومنح من صندوق دعم التوسع الدولي.

وقد تلقت “أسيونا” تمويلاً يصل إلى 250 مليون يورو من صندوق التوسع الدولي الإسباني، بالإضافة إلى 70 مليون يورو من تأمين ائتماني تديره الدولة الإسبانية، فضلاً عن 31 مليون يورو من صندوق الاستثمارات الخارجية. هذه المساعدات، التي تمثل نحو 40% من تكلفة المشروع، تعزز الشكوك حول مدى تأثر القرار السياسي في اختيار الشركة.

الأمر الذي يثير القلق بشكل خاص هو احتمال وجود “مذكرة تفاهم” بين “سيرفينابار” و”أسيونا”، وهي الوثائق التي استخدمها سيردان في إسبانيا لفرض عمولات غير قانونية على بعض عقود الأشغال العامة. إذا تم العثور على مثل هذه الوثيقة، فإنها ستشكل دليلاً قوياً على التأثير المباشر لسيردان في منح العقد، وهو ما يفتح الباب أمام مزيد من التحقيقات القانونية.

كما استهدفت عمليات التفتيش في مدن مثل مدريد وبلباو وكاديش، منازل عدد من الشخصيات المرتبطة بـ “أسيونا”، بما في ذلك خوسيه فيسنتي بيليغريني، المدير السابق لشركة “أسيونا للبناء”. وقد قام المحققون بمراجعة العقود والمراسلات الداخلية والوثائق التي قد تكشف عن أي تدفقات مالية غير قانونية بين “أسيونا” و”سيرفينابار”. وفي هذا السياق، تم اكتشاف حساب مصرفي في بنك أفريقيا في المغرب، يشتبه في ارتباطه بشبكة سيردان.

تستمر التحقيقات في إسبانيا والمغرب لتحديد ما إذا كانت عملية منح عقد محطة تحلية المياه في الدار البيضاء قد تمت تحت تأثير تدخلات خفية لصالح “أسيونا”، وما إذا كانت العلاقات السياسية قد لعبت دوراً مهماً في تسهيل هذه الصفقة المثيرة للجدل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى