أخنوش يدافع عن العدالة المجالية والواقع يسجل استمرار الفوارق وضعف أثر السياسات

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال الجلسة المخصصة للأسئلة الشفوية أن العدالة المجالية ليست مجرد شعار سياسي، بل توجه استراتيجي يندرج ضمن الأولويات التي شددت عليها التوجيهات الملكية، خصوصا بعد خطاب افتتاح الدورة التشريعية الذي وصف فيه الملك محمد السادس محاربة الفوارق بأنها رهان مصيري.

وقدم أخنوش رؤية طموحة تجعل من العنصر البشري محورا أساسيا لكل السياسات العمومية، مؤكدا أن التنمية العادلة هي السبيل الحقيقي لتكافؤ الفرص وتوزيع ثمار النمو بين مختلف الجهات، غير أن ما يقوله رئيس الحكومة، رغم وجاهته، يثير أسئلة ملحة حول مدى قدرته على ترجمة هذه الشعارات إلى تحولات ملموسة داخل المناطق التي ما تزال تعيش خصاصاً بنيوياً واضحاً.

ورغم إشادته بما تحقق في ورش الجهوية المتقدمة، اعترف أخنوش بأن هذا الورش يحتاج إلى نفس متجدد لضمان استهداف أدق لحاجيات الساكنة وتعزيز الالتقائية بين المشاريع، لكن واقع الحال، وفق تقارير يكشف استمرار اختلالات عميقة بين الجهات، حيث ما تزال مناطق جبلية وواحات وقرى نائية تعاني نقصا واضحا في الخدمات الأساسية والبنيات التحتية، ما يجعل تنزيل الجهوية في صورته الحالية محدود الفعالية وغير قادر على تقليص الفوارق بشكل جذري.

وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس الحكومة عن ارتفاع الاستثمارات العمومية بنسبة تقارب 86.8% بين 2020 و2025، وبلوغها 380 مليار درهم السنة المقبلة، فإن هذا الزخم المالي يطرح سؤالا حول مدى عدالة توزيع هذه الاستثمارات.

فوفق خلاصات تقارير إعلامية، لا تزال الاستثمارات متمركزة بشكل أكبر في الجهات الساحلية والمراكز الحضرية الكبرى، بينما تبقى المناطق الداخلية الهشة في وضع تنموي متعثر، مما يطرح علامات استفهام حول مدى انسجام الواقع مع الخطاب الحكومي حول الإنصاف المجالي.

وقد استعرض أخنوش حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، مشيرا إلى آلاف الكيلومترات من الطرق التي تم بناؤها أو صيانتها، ومئات المنشآت الفنية، وآلاف المشاريع المرتبطة بالماء والكهرباء والتعليم والصحة، غير أن هذه الأرقام، رغم ضخامتها، تقابلها ملاحظات نقدية تشير إلى ضعف تقييم أثر البرامج على تحسين جودة حياة المواطنين، وغياب دراسات مستقلة تقيس الفعالية الحقيقية لهذه الاستثمارات، إلى جانب استمرار معاناة سكان عدد من الجماعات مع الطريق، والماء، والكهرباء، والمراكز الصحية، رغم كل ما يُعلن من إنجازات.

ويقدم رئيس الحكومة العدالة المجالية باعتبارها تحولا بنيويا يهدف إلى وقف الهجرة الداخلية وتمكين المواطنين من العيش الكريم داخل مجالاتهم، لكن النقاش الوطني، كما تعكسه آراء خبراء وفاعلين، يرى أن الطريق ما يزال طويلا، وأن تحقيق هذا الهدف يتطلب شفافية أكبر في توزيع الموارد، وتنسيقا مؤسساتيا أقوى، وإشراكا فعليا للسكان في تحديد الأولويات، إضافة إلى تجاوز تأثير الحسابات السياسية والمحلية على توجيه المشاريع.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى