أسعار بلا منطق.. المرصد المغربي يكشف ألاعيب “الشناقة” في الأسواق

حسين العياشي

لم يعد الغلاء المتفشي في الأسواق المغربية مجرد ظرف اقتصادي عابر، بل تحول إلى جريمة اجتماعية مكتملة الأركان، تقف وراءها شبكات من المضاربين والوسطاء الذين يعبثون بقوت المغاربة دون حسيب أو رقيب. فقد كشف المرصد المغربي لحماية المستهلك أن هذه الشبكات، المعروفة بـ”الشناقة”، باتت تفرض منطقها على السوق، عبر التلاعب بأسعار الأفوكا وغيرها من المنتجات الفلاحية، من خلال افتعال ندرة وهمية واحتكار العرض، في الوقت الذي يئن فيه المواطن تحت وطأة الأسعار الملتهبة.

المرصد شدد على أن ما يحدث لم يعد مجرد خلل تجاري، بل يدخل في صميم الجرائم الاقتصادية المجرّمة بنص القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، والذي يجرّم المضاربة والاحتكار والتحكم المصطنع في العرض والطلب. غير أن الواقع يكشف عجزاً أو تواطؤاً سمح لهذه الممارسات أن تتحول إلى قاعدة في السوق الفلاحية، على حساب الفلاحين الصغار والمستهلكين على حد سواء.

وحذّر المرصد من أن استمرار هذه الممارسات العبثية يهدد الأمن الغذائي الوطني بشكل مباشر، ويغذي احتقاناً اجتماعياً خطيراً، داعياً مجلس المنافسة والنيابة العامة إلى فتح تحقيق وطني عاجل حول شبكات التحكم في الأسعار. كما طالب بوضع نظام تتبع رقمي صارم لمسار المنتوج من الضيعة إلى المستهلك، للحد من التلاعبات الوسيطة وإعادة الاعتبار لأسواق الجملة الحقيقية التي من شأنها ربط الفلاح بالمستهلك بشكل مباشر.

وفي السياق ذاته، دعا المرصد إلى تغليظ العقوبات على المضاربين والمتلاعبين بقوت المغاربة، مع مراجعة الترسانة القانونية لتواكب حجم التحديات، وإطلاق حملات وطنية للتحسيس بخطورة الانسياق وراء الشائعات التضليلية التي تروجها شبكات المضاربة لتبرير الأسعار الفاحشة.

إن استمرار هذا الوضع، في نظر المرصد، لم يعد مجرد مؤشر على خلل في السوق، بل هو فضيحة صامتة تهدد السلم الاجتماعي وتمس مباشرة كرامة المواطن، الأمر الذي يستدعي تدخلاً حاسماً يعيد الانضباط إلى الأسواق ويضع حداً لجشع لوبيات المضاربة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى