أمناي لـ”إعلام تيفي”: “المريض النفسي بحاجة إلى رعاية لا إلى توقيف”

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

يرى الأخصائي النفسي والباحث في علم النفس الاجتماعي ياسين أمناي أن التعامل مع الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية ما زال محكوما بمنطق قديم يختزلهم في خانة الخطر الاجتماعي، بدل الاعتراف بكونهم فئة تحتاج إلى رعاية متعددة الأبعاد تشمل الدعم النفسي والاجتماعي والصحي والقانوني.

وأوضح أمناي ل”إعلام تيفي” أن جذور هذا التمثّل ترجع إلى مراحل تاريخية كانت فيها السلطات تسعى إلى عزل المرضى النفسيين عن المجال العام بدافع الحفاظ على النظام الاجتماعي، لا بدافع إنساني أو علاجي، مضيفا أن هذا المنطق ما يزال مستمرا اليوم، لكن بأشكال مختلفة. ففي غياب بنية تحتية علاجية فعالة، تُكتفى المؤسسات الأمنية والإدارية غالبا بالتوقيف أو الإحالة المؤقتة، دون معالجة حقيقية.

وحذر الأخصائي من اختزال صورة المريض العقلي في الجريمة، مشددا على أن الخطورة لا تكمن في المرض نفسه، بل في غياب التشخيص والرعاية، وفي استمرار الوصم الاجتماعي، مما يجعل كثيرًا من المرضى عرضة لسوء الفهم والتجريم بدل المعالجة. كما دعا إلى استلهام النموذج التاريخي للمؤسسات النفسية، مثل “البيمارستان” في بغداد الذي أنشئ سنة 805م، كأول مؤسسة طبية نفسية في العالم، تعاملت مع المرضى بأساليب علمية وإنسانية.

وفي ردّه على سؤال كتابي للنائبة البرلمانية خديجة أورهال، كشف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن مصالح الأمن سجلت 475 قضية خلال سنة 2024 تورط فيها أشخاص يعانون من أمراض عقلية، مقابل 246 قضية فقط سنة 2023، ما يعني تضاعف عدد القضايا تقريبًا.

وأضاف لفتيت أن السلطات تعمل ضمن الإطار القانوني المنصوص عليه في ظهير 10 أبريل 1959، وتُنظم حملات أمنية دورية لرصد الحالات الخطرة. وقد أسفرت هذه التدخلات عن توقيف 435 شخصًا خلال عام 2024، إضافة إلى 255 حالة أخرى خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025.

ويطرح هذا الواقع المقلق تساؤلات ملحة حول مدى نجاعة السياسة العمومية في مجال الصحة النفسية، ودور الدولة في حماية المجتمع، دون المس بحقوق فئة هشة تعاني في صمت من التهميش، والإقصاء، والتجريم المسبق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى