أمو تضامن.. فقراء محرومون من الولوج للعلاج خارج أرقام بايتاس

بشرى عطوشي

الأسطوانة نفسها التي شغلها رئيس الحكومة عزيز أخنوش في مجلس المستشارين خلال جلسة المساءلة الشهرية الثلاثاء الماضي، حول الدعم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية ونظام أمو تضامن، أعادها مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة، على مسامعنا، حيث أكد بأن الحكومة اشتغلت بجدية ( غير معهودة) على الملف الاجتماعي، مشيرا إلى ان عدد المستفيدين من نظام أمو تضامن بلغ حوالي 11 مليون عوض “تقريبا 11,5 مليون” التي كانت في نظام المساعدة الطبية راميد.

وسجل المتحدث خلال ندوة صحافية أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، أنه في الوقت الذي “كنا نسمع فيه عن عمليات سوف يتم إجراؤها بعد سنة، أصبحت الآن تجرى في أقل من ذلك الوقت”، مشيرا إلى أن هذه المنظومة مكنت من تسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية وتوسيع العرض الصحي الموجه إلى المواطنين.

يبدو أن الأرقام التي جدت بها قريحة الناطق الرسمي باسم الحكومة، جاءت من أجل التطبيل فقط لنظام  ولد معاقا، لأن العربة فيه سبقت الحصان.

ففي ظل منظومة صحية معطوبة وغياب تام لأي مشاريع تهم فعلا الفئات المسحوقة التي تم تعداد أفرادها ضمن منظومة “أمو تضامن”، ظلت الصحة تسير بمظور “اللي عندو يداوا واللي معندوش يموت”، أرقام هنا وهناك، مبالغ دعم كبيرة تصرف وبرامج تعدها الحكومة ضمن الغنجازات التي نجحت في تحقيقها، كلها ظلت بدون أثر يذكر.

مبالغ دعم وجهت من أجل الفئات الهشة، لم يستفد منها الفقير والمياوم وفئة دوي الاحتياجات الخاصة، والإسكافي، والبناء وماسح الأحذية والفلاح البسيط وعدد كبير من مكونات هذه الفئات، وظل أثر كل البرامج المعلن عنها، ضعيفا أو بالأحرى منعدما، وأصبح الفقير بعد أن كان يأمل ويومن ببطاقة رميد يتمنى عند مرضه الموت بدل أن يبقى متنقلا بين ردهات المستشفيات دون رحيم.

وأثارت الدراسة المنشورة من قبل وزارة الاقتصاد والمالية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المخاوف بشأن توازن النظام المالي، إذ تجاوز عدد المستفيدين التوقعات، ما قد يؤدي إلى تخطي الميزانية المخصصة من قبل الدولة، وأشارت أيضا إلى مجموعة من النقط السلبية، متمثلة في عدم تسجيل بعض أرباب الأسر أفراد عائلاتهم المستحقين، قبل أن تورد مجموعة من التوصيات، همت تحسين آليات الاستهداف وتعزيز الرقمنة وتبسيط إجراءات الانتقال بين الأنظمة المختلفة، وكذا تعزيز الوعي العام وتوفير قنوات تسجيل متعددة لضمان شمولية أكبر.

وركز التدقيق الجديد على سنة 2023، واستهدف تحديد مزايا ومخاطر نظام “أمو تضامن”، وتقييم التأثيرات الاجتماعية السلبية المحتملة، واقتراح تدابير للتخفيف منها، مع جدول زمني لتنفيذها؛ كما ركز على فحص الأساليب والأدوات المستخدمة لتحديد المستفيدين من النظام، وتقييم تأثيره على الأفراد والمجموعات المستهدفة. فيما شمل تنفيذ هذه الدراسة التواصل المباشر مع المستفيدين لتشخيص الوضع عن قرب وجمع ملاحظاتهم حول إدارة هذا النظام ككل.

الدراسة كشفت إدراج بعض الأشخاص ضمن نظام “أمو تضامن” رغم عدم استحقاقهم له. وأوصى القائمون على التدقيق لغاية تصحيح هذه الوضعية بإعادة تقييم آلية الاستهداف لضمان إدراج الفئات الأكثر هشاشة وتعزيز آليات التحقق من التصريحات المقدمة من قبل الأسر ضمن السجل الاجتماعي الموحد (RSU).

فيما تم رصد خلل آخر، تمثل في عدم إدراج بعض الأشخاص المؤهلين للاستفادة من نظام التأمين الصحي المذكور، وذلك بسبب نقص المعلومات أو تعقيد إجراءات التسجيل، ما حرم بعض المستحقين من الاستفادة.

وللتغلب على هذا التحدي أوصى التدقيق باعتماد السجل الاجتماعي الموحد في عمليات تحديد المستفيدين منذ 2023، وتعزيز رقمنة تدبير النظام، بالإضافة إلى تدابير أخرى مقترحة، همت إنشاء آلية تسجيل متعددة القنوات من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تشمل وكالات الصندوق والمكاتب المعتمدة والموقع الإلكتروني وتطبيق “تعويضاتي”؛ إضافة إلى تنفيذ ومتابعة آلية لإدارة الشكاوى. ومن المقرر تنفيذ هذه الإجراءات التي تندرج ضمن اختصاصات وزارة الداخلية و”الضمان الاجتماعي” خلال الفترة بين 2025 و2026.

وأشارت الدراسة إلى مشكلة عدم انتقال بعض الفئات بسهولة بين أنظمة التأمين الصحي المختلفة، إذ يواجه بعض المستفيدين صعوبة في الانتقال إلى نظام “أمو تضامن” بسبب تغطيتهم السابقة ضمن نظام آخر، والعكس صحيح، وأوصت في هذا الباب بتحسين نظام الربط بين هذا النظام وأنظمة التأمين الصحي الأخرى، مثل “أمو” للعمال غير الأجراء و”أمو للأجراء النشيطين” و”أمو الشامل”. كما تم اقتراح تبسيط الإجراءات وتعزيز آلية متابعة الشكايات.

اختلالات كبرى يعرفها النظام الذي عدد بايتاس محاسنه، واختلالات أكبر تعرفها المنظومة الصحية التي أصبحت لا تستوعب الفقراء والمعوزين، علما أن هؤلاء الأخيرين هم الفئة الأكثر وصولا للمرض بسبب الحاجة والعوز وانعدام العيش الكريم.

السيد الوزير إن الأرقام لا تعالج ولا تعطي خبزا ولا دواء ولا كساء ولا سكنا لمن لا يعرفون حساب مبالغ مالية بحجم ما ذكرته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى