أوريد: الخطابات الهوياتية قنبلة موقوتة

خديجة بنيس: صحافية متدربة

حسن أوريد  مفكر ومؤرخ مغربي معروف بآرائه الفكرية حول قضايا الهوية والسياسة في العالم العربي. يشتهر بتحليلاته العميقة حول الدين والسياسة والتاريخ، وله مؤلفات تسلط الضوء على التحديات التي تواجه المجتمعات العربية. يُعتبر أوريد من الأصوات البارزة في النقاشات الفكرية حول علمنة المجتمعات والعلاقات بين الدين والدولة.

في حواره على شبكة سكاي نيوز في برنامج “سؤال صعب”، تحدث حسن أوريد عن أهمية التعامل مع الخطابات الهوياتية بعقلانية، مشيرًا إلى أن هذه الخطابات يمكن أن تتحول إلى صراعات إذا لم تُعالج بشكل جيد. كما أكد على ضرورة فصل الدين عن السلطة كخطوة أساسية لتقدم وتطور المجتمعات.

الخطابات الهوياتية

رد حسن أوريد على غضب الحركة الأمازيغية من  إحدى تصريحاته  التي قال فيها إن “الخطابات الهوياتية قنبلة موقوتة”،  موضحا  أن تحذيراته لم تكن موجهة تحديدًا للهوية الأمازيغية، بل كانت عامة، مضيفا أن الخطابات الهوياتية، مهما كانت طبيعتها، يمكن أن تتحول إلى “قنابل موقوتة” إذا لم تُعالج بعقلانية.

وقال  لم يكن يقصد تقليص أو تحجيم الهوية الأمازيغية، بل كان يتحدث عن المخاطر المحتملة للخطابات التي تستند إلى الهوية بشكل عام.

يعتقد أوريد أن الخطابات الهوياتية يمكن أن تؤدي إلى صراعات إذا لم تُستخدم بطرق تدعم التفاهم والتكامل بين الهويات الثقافية المختلفة. هو يميز بين التعبير عن الهوية بطرق تعزز الوحدة، وبين استخدام الهوية كأداة لخلق النزاعات.

وأكد بوضوح أنه أمازيغي ويعتز بجذوره الأمازيغية، حيث يتحدث الأمازيغية ويعرف عمقها التاريخي ورؤيتها للعالم. أي تصريح يُفهم على أنه انتقاص من الهوية الأمازيغية ليس دقيقًا. فهو يحذر من استخدام الهوية كأداة لتقسيم المجتمع أو خلق النزاعات، ويركز على تعزيز الهوية بشكل يدعم الوحدة والتفاهم.

ودعا إلى الحوار والتفاهم بين مختلف الهويات الثقافية داخل المغرب. هو يؤمن بأن تعزيز الهوية يجب أن يتم بطريقة تعزز الوحدة والتكامل، بدلاً من تقسيم المجتمع إلى فئات متناحرة.

فجوة بين خطاب الإسلام السياسي وأدائه

حسن أوريد يؤكد على أن التطور والتقدم في المجتمعات العربية لا يتحققان من خلال الرغبات والإرادات الشخصية فقط، بل يتطلبان التعاطي الواقعي مع التحديات والوقائع.

يرى أوريد أن علمنة المجتمعات هي خطوة أساسية لتحقيق هذا التطور، حيث تتيح للدول تحقيق التقدم الاجتماعي والسياسي بعيدًا عن تأثير الدين المباشر على المؤسسات الحكومية.

أوريد يشير إلى أن الإسلام السياسي، الذي برز بعد ما يسمى الربيع العربي، لم يحقق أداءً متميزًا مقارنة بالتيارات السياسية الأخرى. في تجربة المغرب، على سبيل المثال، كان أداء حزب العدالة والتنمية، الذي يمثل الإسلام السياسي، ضعيفًا، مما أدى إلى تصويت عقابي من الشعب المغربي. هذا يعكس أن الحكم بناءً على الخطابات الدينية لا يضمن دائمًا أداءً جيدًا.

يعتقد أوريد أن الدين يجب أن يُبقى بعيدًا عن الشأن العام والسياسي، مستشهدًا بآراء الفلاسفة الذين يؤكدون على أهمية فصل الدين عن الدولة. الدين، حسب أوريد، بدأ ينزاح تدريجياً عن السياسة في العالم العربي، والمجتمعات بدأت تدرك أهمية هذا الفصل لتحقيق استقرار أكبر وتطوير فعّال.

أوريد يرى أن إدخال الدين في الشأن السياسي قد يؤدي إلى تعقيد الأمور بدلاً من حلها، مما يخلق صراعات وتباينات داخل المجتمعات. هذا التأثير السلبي يؤثر على الأداء الحكومي والتنمية، مما يبرز الحاجة إلى فصل الدين عن السياسة لضمان تحقيق تقدم اجتماعي مستدام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى