إسماعيلي ينتقد محدودية الأنشطة الفنية بالمدرسة القروية وبرادة يقدم أرقاما لاتعكس الواقع

فاطمة الزهراء ايت ناصر
خلال الجلسة الشفوية بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء 21 أكتوبر الجاري، شدد المستشار البرلماني مصطفى العلوي إسماعيلي، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، على أهمية إدماج الأنشطة الثقافية والفنية في الوسط المدرسي القروي، باعتبارها رافعة أساسية لتحسين جودة التعليم وتعزيز التنمية المتكاملة للتلاميذ، لا مجرد أنشطة ترفيهية كما يُنظر إليها في بعض الأوساط.
وأوضح إسماعيلي أن هذه الأنشطة تسهم في مكافحة الهدر المدرسي، وتمنح المتعلمين مهارات حياتية تقوّي شخصياتهم وتُبرز مواهبهم، مشيرا إلى أن وزارة التعليم نجحت نسبيا في إدماجها داخل مدارس الريادة في المدن الكبرى، عبر تكوين أساتذة مختصين في المسرح والموسيقى والفن التشكيلي، إلى جانب إنشاء مراكز التفتح الفني والأدبي.
غير أن هذه الدينامية – يضيف البرلماني – لم تصل بعد إلى المدارس القروية التي لا تزال محرومة من هذه الفرص بسبب ضعف البنية التحتية ونقص التجهيزات وتشتت التلاميذ بين الفرعيات والمركزيات.
ودعا المتحدث إلى تعميم المدارس الجماعاتية وتوسيع شبكة الأقسام الداخلية والنقل المدرسي، باعتبارها المدخل الحقيقي لتمكين التلاميذ القرويين من الحق في التفتح الثقافي والفني، مذكرا بأن عدد المدارس الجماعاتية في المغرب لا يتجاوز 350 مؤسسة، وهو رقم هزيل مقارنة بحجم الخصاص القائم.
في المقابل، حاول وزير التعليم سعد برادة الدفاع عن حصيلة وزارته، مؤكدا أن القطاع فعل 272 مؤسسة للتفتح الفني والثقافي، منها 234 في العالم القروي، واستفاد منها نحو 160 ألف تلميذ في 857 مؤسسة إعدادية.
وأشار إلى أن الأنشطة تشمل المسرح والموسيقى والرسم والرياضة، وأنها تسهم في بناء الثقة بالنفس وتحسين نتائج المتعلمين.
غير أن هذه الأرقام رغم وجودها على الورق، تبقى بعيدة عن الواقع الميداني، فالمؤسسات القروية تعاني من ضعف الموارد البشرية والبنيات التحتية، وغياب أساتذة متخصصين في مجالات الإبداع، إضافة إلى محدودية النقل المدرسي الذي يحرم التلاميذ من الاستفادة من حصصهم الدراسية.
كما أن تشتت الأقسام والفرعيات يجعل من المستحيل تقريب التجارب الفنية من جميع التلاميذ على قدم المساواة مع نظرائهم في المدن.
وعليه، فإن ما قاله الوزير برادة عن تشابه الظروف بين المدارس القروية والحضرية يبدو بعيدا عن الواقع، إذ لا يمكن الحديث عن إنصاف مجالي في الأنشطة الثقافية دون معالجة الأسباب البنيوية العميقة التي تكرس الفوارق.
فالتحدي الحقيقي لا يكمن في عرض الأرقام داخل قبة البرلمان، بل في ترجمة هذه الأرقام إلى تجارب ملموسة داخل الفصول الدراسية القروية، حيث ما تزال الأنشطة الثقافية والفنية مجرد شعار أكثر منها ممارسة تربوية حقيقية.