إصلاح المعاهد العليا للمهن التمريضية: هل يهدد التسرع في الانتخابات مسار الإصلاح؟

حسين العياشي

في خضم الجدل المستمر حول مستقبل المنظومة الصحية في المغرب، عاد ملف المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة إلى واجهة النقاش، ليُثير تساؤلات حول توقيت تنظيم انتخابات المجالس الإدارية داخل هذه المؤسسات. هذه التساؤلات طفت إلى السطح في وقت حساس، حيث تشهد المنظومة الصحية مرحلة إصلاح بنيوي عميق.

أعربت مصادر نقابية عن استغرابها من هذه الخطوة، معتبرة إياها غير مفهومة وتفتقر إلى التناغم مع المسار الإصلاحي الجاري. وأثار ذلك تساؤلات حول جدوى التعجيل بإجراء انتخابات قد تصبح غير ذات معنى فور المصادقة على الإطار القانوني الجديد الذي يخطط له.

في هذا السياق، وجه المكتب المحلي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة، المنضوي تحت الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، مراسلة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، طالب فيها بتأجيل انتخابات المجالس الإدارية إلى ما بعد اكتمال الورش الإصلاحي الخاص بالمعاهد. وأكدت النقابة أن توقيت فتح باب الترشيحات قبل أيام قليلة، رغم تأكيد الوزارة سابقاً على ضرورة بلورة تصور مشترك للإصلاح، يُعتبر خطوة متسرعة ولا تتماشى مع الحاجة إلى إصلاح شامل يشمل النظام الداخلي، نظام التقييمات، مساطر اختيار الأساتذة العرضيين، بالإضافة إلى مراجعة مسالك الإجازة ودلائل التدريب.

وأوضحت النقابة في مراسلتها أن تنظيم الانتخابات في معهد الرباط – ملحقة القنيطرة، في ظل مرحلة انتقالية مضطربة، قد يؤدي إلى مجالس إدارية غير منسجمة مع القوانين المنتظرة، مما يُفرغ الإصلاح من مضمونه. كما أشاروا إلى أن خصوصية الملحقات، وعلى رأسها ملحقة القنيطرة التي تضم أسلاك الماستر وتعرف توسعاً مضطرداً في عدد العاملين، لا تجد تمثيلاً عادلاً في النظام التمثيلي الحالي، مما يجعل أي انتخابات تُجرى في الوقت الراهن غير منصفة.

وتطرقت المراسلة إلى مجموعة من الاختلالات التي تعيق تحسين جودة التكوين وحسن التدبير داخل الملحقات، مثل غياب إدارة مستقرة، وارتباك في التسيير الإداري والبيداغوجي، وتدهور في مستوى التكوين التطبيقي. كما أكدت النقابة على أن الاستقلالية المالية للملحقات أصبحت ضرورة أساسية، وليست مجرد مطلب فئوي. وشددت على ضرورة تفعيل المقاربة التشاركية في تنظيم التكوين الميداني وتدبيره، وهو ما لم يُفعّل بالشكل المطلوب حتى الآن.

وطالبت النقابة بتعزيز تمثيلية الملحقات داخل المجالس الإدارية، ودمج جميع الفئات العاملة دون استثناء، ومنح الأولوية لأطر الصحة عبر تنظيم مباريات داخلية بدلاً من اللجوء إلى مباريات خارجية. كما دعت إلى ضرورة تكييف أي إصلاح قانوني جديد مع واقع المعاهد، التي تضم عدداً كبيراً من الأساتذة المحاضرين، فضلاً عن اقتراح إلحاق مصلحة الولادة التابعة لمستشفى الإدريسي سابقاً بالمعهد، لكون المرفقين قريبين جغرافياً، وهو ما قد يساهم في تحسين التكامل البيداغوجي والتطبيقي.

في ختام مراسلتها، أكدت النقابة على أن هدفها الأساسي هو ضمان جودة التكوين، وتحقيق العدالة التمثيلية، والحفاظ على استقرار الأطر العاملة في المعاهد. ودعت الوزير إلى تأجيل الانتخابات إلى حين اكتمال الإصلاح، وإعداد نظام انتخابي يتماشى مع التوجهات الجديدة ويأخذ في اعتباره خصوصية الملحقات، مع ضرورة إجراء مشاورات موسعة مع الشركاء الاجتماعيين لضمان توافق الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى