إلغاء تخصص Sciences Biomédicales يفاقم أزمة نقص الكفاءات الصحية بالمغرب

فاطمة الزهراء ايت ناصر
يعيش طلبة شعبة Sciences Biomédicales في عدد من الجامعات المغربية حالة من الغضب والقلق مع بداية الموسم الجامعي الجديد، بعد إعلان قرار مفاجئ يقضي بالعودة إلى النظام القديم، ما يعني فعليا إلغاء هذا التخصص من ديبلوم الإجازة وتعويضه بمسمى عام هو Biologie et Santé.
هذا القرار، الذي وصفه الطلبة بالارتجالي وغير المدروس، اعتبروه مسا بهوية التكوين الجامعي الذي اختاروه عن قناعة، وبأنه سيؤثر سلبا على مستقبلهم الأكاديمي والمهني.
وأكد عدد من الطلبة ل “إعلام تيفي” أن هذا التغيير لم يتم فيه استشارتهم أو إشراكهم، وأنه سيفقد الدبلوم قيمته المهنية والعلمية، باعتبار أن تخصص Sciences Biomédicales يحظى باعتراف واسع في سوق الشغل داخل المغرب وخارجه، ويمكن من ولوج مجالات متعددة كالمختبرات الطبية، البحث العلمي، وشركات التحاليل الحيوية.
وأوضحوا أن الاقتصار على مسمى “Biologie et Santé” سيجعل الدبلوم أقرب إلى العلوم العامة، ما سيقلل من فرص التشغيل والدراسة في التخصصات الطبية والتقنية الدقيقة.
ويحذر الطلبة من أن إلغاء التخصص سيؤدي إلى ضياع مواد علمية أساسية مثل علم المناعة، الميكروبيولوجيا الطبية، وعلم الدم، مقابل إدراج مواد لا علاقة لها بالمجال الصحي كعلم النبات والجيولوجيا، مما سيفقد التكوين طابعه التطبيقي والطبي.
كما عبروا عن تخوفهم من تراجع الاعتراف الدولي بالدبلوم، خصوصا في الدول التي تعتمد مصطلح “Biomédical” معيارا أساسيا في انتقاء ملفات متابعة الدراسة أو معادلة الشهادات.
ويؤكد طلبة الشعبة أن هذا القرار سيؤثر أيضا على الدافعية والرغبة في التحصيل العلمي، لأن أغلبهم اختار هذا المسار الجامعي بدافع التخصص في العلوم الطبية المرتبطة بالإنسان، وليس في مجالات عامة بعيدة عن طموحاتهم.
ويرون أن غياب الحوار مع الطلبة والهيئات التمثيلية يزيد من حدة الاحتقان داخل الوسط الجامعي.
ويطالب هؤلاء الطلبة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتراجع عن القرار، وفتح نقاش جاد ومسؤول حول مستقبل التكوين في المجال البيوميديكالي، حفاظا على جودة التعليم العالي وضمانا لعدالة أكاديمية ومهنية بين مختلف التخصصات.
بالوعي والنقاش الهادئ، كما يؤكد الطلبة، يأمل الجميع أن يعاد الاعتبار لتخصص Sciences Biomédicales الذي يمثل بالنسبة لهم هوية علمية ومسارا مهنيا لا يمكن التفريط فيه.
في ظل الظرفية الحالية التي يعيشها المغرب، تشهد منظومة الصحة نقصا حادا في عدد الأطباء والممرضين والأخصائيين في مختلف المجالات الطبية، وهو ما يطرح تحديات كبيرة على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
في هذا السياق، كان من المتوقع أن تشكل الجامعات والبرامج التكوينية نقطة قوة لتعزيز هذا القطاع الحيوي عبر تكوين المزيد من الخريجين المؤهلين في علوم الصحة والبيوميديكال، بما يسهم في سد الخصاص ويدعم البحث العلمي والتقني في المجال الصحي.
غير أن القرار الأخير بإلغاء تخصص Sciences Biomédicales واستبداله بمسمى عام مثل Biologie et Santé يبدو عكس هذا المنطق، إذ يقلل من فرص الطلاب في الحصول على تكوين متخصص ومهني متوافق مع احتياجات السوق والقطاع الصحي.
والتراجع في هذا التخصصات الدقيقة لا يؤثر فقط على مستقبل الطلبة الأكاديمي والمهني، بل قد يعمق أزمة نقص الكفاءات الصحية في المغرب، ويضعف قدرة البلاد على مواجهة تحديات الصحة العمومية والابتكار الطبي
.