إهمال متعمّد أم سياسة ممنهجة؟ كوكوس تكشف واقع المستشفى العمومي

حسين العياشي

لم تتردد النائبة البرلمانية نجوى ككوس، عن حزب الأصالة والمعاصرة، في دق ناقوس الخطر من جديد بشأن الوضع الصحي الكارثي بمستشفى عبد الرحيم الهاروشي للأطفال بالدار البيضاء، بعدما فجّرت قضية وفاة رضيعة حديثة الولادة بسبب غياب حضانات اصطناعية داخل قسم الولادة والتوليد. فاجعة مؤلمة هزّت أسرة الضحية، وعرّت، على حد تعبيرها، عن واقع الإهمال الذي ينخر المستشفيات العمومية، حيث يموت الأطفال وهم في أمسّ الحاجة إلى أبسط التجهيزات التي يفترض أن تكون متاحة في أي مؤسسة استشفائية.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ كشفت ككوس في سؤال كتابي ثانٍ أن قسم الجراحة بمستشفى الهاروشي يعيش حالة نزيف خطيرة، بعدما لم يحتفظ سوى بتسعة أطباء مقيمين، فيما غادر آخرون بسبب ظروف العمل القاسية، لتبقى حياة آلاف الأطفال رهينة خصاص بنيوي مزمن يزداد تفاقماً مع ارتفاع عدد الولادات بالعاصمة الاقتصادية. صورة قاتمة تؤكد أن هذا المرفق الاستشفائي يسير نحو الانهيار، وأن استمرار صمت المسؤولين لا يعني سوى تعميق المأساة.

وفي تصريح خصّت به “إعلام تيفي”، ذهبت النائبة أبعد من ذلك، معتبرة أن أي تهميش يطال المستشفيات العمومية يمكن قراءته كخيار سياسي لتغليب القطاع الخاص على حساب القطاع العام. وأكدت أنها منذ بداية ولايتها البرلمانية وجهت عشرات الأسئلة الكتابية والشفوية إلى وزير الصحة، دون أن تتلقى أي تفاعل، بل إن طلبها بإحداث لجنة للتحقيق حول المستشفى الجامعي ابن رشد لا يزال يراوح مكانه، في تجاهل وصفته بـ”المخجل” و”وصمة عار” على جبين المسؤولين عن هذا القطاع.

ولم يثنها انتماؤها للأغلبية الحكومية عن التصعيد، بل شددت على أن الحق في الصحة يساوي الحق في الحياة، وأن الدفاع عن كرامة المواطنين يظل أولوية لا تقبل المساومة. وأوضحت أن حادث وفاة الرضيعة بمستشفى الهاروشي يجسد بوضوح الفجوة الصارخة بين التصريحات الرسمية والواقع الميداني، مطالبة بفتح تحقيق جدي ومحاسبة كل المتورطين في هذا الإهمال الذي يزهق الأرواح.

ككوس دعت الوزير الوصي إلى النزول شخصياً إلى الميدان، وزيارة مستشفى الهاروشي، إلى جانب مستشفيات ابن رشد و20 غشت بالدار البيضاء، حتى يلامس بعينيه حجم الاختلالات التي لا تكشفها التقارير الإدارية. وختمت بالتأكيد أن ما يحدث اليوم يتناقض بشكل صارخ مع روح الخطابات الملكية السامية، وآخرها خطاب عيد العرش، الذي شدد على ضرورة حفظ كرامة المواطن وصون حقوقه الأساسية، وهو ما يجعل الوضع الصحي الحالي جرحاً مفتوحاً في جسد السياسة العمومية، وامتحاناً حقيقياً لمدى جدية الدولة في حماية الحق في الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى